23‏/4‏/2020

# يوميـات

عدن بخَيـر مهما حدث 😇


بسم الله الرحمن الرحيم 



قبل أن أبدأ هذه التدوينة أحب أن أرسل بعض الرسائل التي قد تصل و قد لا تصل ، و لكنها ستُقرأ على أية حال و ستصل من أفواه القراء إلى من أريد ، على الأقل يومًا ما لا بدَّ آت .




إلى عدن عروس البحر الأحمر :

[ حماك المولى و رعاك و أدامك لنا وطنًا لا يذوب بالإحتلال ، لا يتدمَّر بالنوازل و الأحداث ]



إلى أهالي عدن و أبنائها لا إلى ساكنيها :

[ وَ ربي إن لصمودكم تُرفع القبعات ، و لتفاؤلكم دائمًا كل التحايا الحارة " بالعدني : انيفدالكم ، و بلهجة بلادي : جعلني عيدكم 😁💖 " ]



و إلى ساكنيها :

[ إن عدن دومًا فاتحة ذراعيها لكل من يحبها و كل من يدافع عنها و كل من يعتني بها ، فمن اعتنى بها فستكون له الأحقية بأن يكون من أبنائها و ستحتضنه هذه العروس الدافئة بكل حب ، و أما من سَكَنَها ينوي لها شرًا و يبغي لها سوءًا فوالله إنَّكم لخاسرون لخاسئون ، و لعـدن ربٌ يحميها ✋ ]



 و إلى قادتها : 
[ بالله ثم بكم ماضون ، نثق بكم و بحرصكم على أمنها و أمانها ، و مواساة أهلها و معاونتهم ، و إننا و الله بكم نفخر ، و لكم ندعو ليل نهار أن يا رب وفقهم لكل خير و صلاح و انصرهم على كل معتدِ ]

عـدن ..

مدينة تحتضنها الشمس دومًا ، شواطئ خليجها تقبل أطرافها كل يوم ، معطاءة أليفة فعند غربتك بها ستهبك الأنس ، و عند استيطانك لها ستلبسك سماتها الحُلوة ، و عندما تسُكُن إليها تسكُنُ إليك !

عدن بكل بساطة مدينة برتقالية لا تشبه أي مدينة بدون مبالغة ...


مدينة تستقبل بكل حبور كلَّ من يبغي بها سّكَنًا ، فتجد أصول أهاليها متنوعة من خارج اليمن بشكل عام ، و من خارج الجنوب العربي بشكل خاص فمن خارجه يوجد الصومال و الهنود و بعض الحبشيين و الصينيين ، و من داخل الجنوب العربي تجد أهل أبين و أهل يافع و أهل لحج و بعض الحضارم و الشبويين ، و أما من خارج الجنوب العربي فتجد من أهل تعز و من أهل الحديدة هم فقط من يسكنوها ؛ و على أية حال فعدن تحتضنهم كلهم دون تذمر و لا استثقال ، عـدن فقط تطلب محبتها و الدفاع عنها مهما كان الثمن و بالتالي معاداة كل من يبغي لها شرًا أو يتحدث عنها بما يشوه صورتها ..





كيف تعرف أنك حظيت بسَكَن عـدن إليك و بالتالي هويتها ؟ 


أن تكون مناضل في وجه كل الحروب ، أن تبقى صامدًا في وجه كل الإنصهارات بابتسامة متفائلة و قلب لا يذوب ، أن تكن صفحة وجهك هي نفسها صفحة قلبك فلا مراوغة و لا تلوِّي و لا جحود ، أن تقدم روحك و دمك على طبق من ذهب لأجل نصر عدن و بقاء عدن و سلامها من كل الشرور !

لهجة جميلة ، كلماتها طويلة إلا أنها خفيفة على اللسان ، و عصرًا يتسلل البخور من أبواب منازلها ، عجائز من خلف شباك شياذرهن يبتسمن ، أطفال كثيرون يلعبون في الحارة أعمارهم تتراوح ما بين السابعة و العاشرة ، يلعبون " غميضان " و " شط الحبل " و " شبدلُّو " و " من كبُّته طيَّر " و " دم يا ديم دم " و " نجمة فوق نجمة تحت " و الكثير من الألعاب التي تجعل أصواتهم المليئة بالنشاط تعطي الحارات نكهة خاصَّة ، الفتيات و الشباب يخرجون بأناقتهم البسيطة المرتبة جدًا ، يبتاعون " بطاط شيبس مع البسباس "  و " فوفل ملبَّس " و " شنجم أبو أربع " ، الجارات يتزاورن فيما بينهن محضِّرين معهم " بطاط أبو حُمر " و " خمير " و بلا شك تحضِّر المضِّيفة " شاهي أبيض عدني " لتكتمل السفرة العامرة ، الرجال يجلسون في دكة الحارة يراقبون الأطفال و يتحدثون عن أي شيء مستجد ، تراهم أحيانًا يتناقشون بكل حماس حتى تظن أنهم سيتعاركون و لكنهم سرعان ما يتوافقون بالفكرة أو يصلون إلى حل ، و يبدأون بالسخرية من كل الظروف القاسية و الأوضاع المتدهورة ، تعليقاتهم تجعلك تضحك مهما كان الأمر قاسيًا ، لديهم خاصية تحويل الأشياء التعيسة إلى أشياء مضحكة و متفائلة ، هذه الخاصية لن تجدها عند أي أحد باستثناء بعض المصريين الذين يشبهونهم في بعض اللهجة و الميول أيضًا ؛ أهالي عدن مندفعون عندما يتعلق الأمر بالوطن ، هم ليسوا على قدر كبير من المكر حتى يستقبلوا كل الأمور السياسية التي يكون لها وجهان ، حتى و إن كان حقيقة الأمر في صالحهم و لكن ظاهره لا يبدو أنه لصالحهم ، يقومون بالدفاع بكل حرقة ، نسبة معرفتهم بالسياسة صغيرة جدًا و لا يهتمون بها كثيرًا ، فأكثر ما يهمهم معرفته كيف يصبحون أفضل ، كيف يرتقون بالفكر ، و كيف يمكن أن يفيدوا وطنهم ، و على أية حال هم لم يروا أن السياسة ستفيدهم كثيرًا ، فتركوها إلا قليل منهم ...

باختصار عدن مدينة مفتوحة ، تحتضن كل من يبغي بها حياة بسيطة بعيدة عن التكلُّف و الخباثة ، تأوي كل من لقي ان التصنع متعب و مرهق فقرَّر إستئناف حياته بكل وضوح و بلا قلق ، و تعتني بكل من وجد نفسه بدون وطن يستحقه أو يحتويه ؛ عدن مدينة البسطاء و عالم برتقالي الوضوح ، وضَّاء و منير مهما طالته الأيادي السوداء التي تريد به سوءًا ، حرًّا أبيًّا لا يقبل الخنوع و لا الخضوع ، و سيبقى عامرًا ما دام الله يسمعنا و قد سمعنا و سيسمعنا .






الثلاثاء 21\4\2020 م 


هطلت أمطار غزيرة على عدن بشكل نادر ، حيث أن عدن ليست معتادة على جوٍّ ماطر بهذه الغزارة ، الأمر الذي سبَّب خسائر كبيرة فكثير من البيوت " العشوائية _ تحديدًا _ " تهدمت ، و بعض السيارات غرقت ، و متضررين كثيرين من السُّكان ، وعلى كل حال فأهل عدن لا زالوا يبتسمون بتفاؤل ، يخرج الشباب لمعاونة أحدهم علقت سيارته في الطريق الوعر و حبسته الأمطار في مكانه ، يقومون بإغاثة الأسر التي هدَّم منازلها السيل ، يسعفون عجائز لا يستطعن النجاة بأنفسهم ، ينقذون مسنّ كاد أن يجرفه السيل ، و الكثير و الكثير فماهو موثَّق قليل جدًا بالنسبة للواقع الذي نراه أمامنا ، فشهامتهم شهامة لن ينكرها أي أحد ، لديهم تلك الحميِّة التي تدفعهم دائمًا بكل طيبة قلب لإنقاذ كل شيء ، لمعاونة أي أحد ، للوقوف بجانب أي مظلوم بغض النظر تمامًا عن هويته ، عن مشاعره تجاههم ، عن صدقه أو كذبه ، عن مكره أو طيبته ، لا يهم كل شيء ، الأهم هو كيفية الوقوف بجانبه و مساعدته في محنته ؛ و لهذا فقط يسقطون في المشاكل و يتعرضون للخيانات و للإنكار و الجحود لكل ما فعلوه لأجل الاخرين ، و كم تعرَّضوا ! و لكنهم لا ييأسون ..





لم أكتب هنا عن أحداث الأمس للشكوى ، و لا لاكتساب آخرون لصف أهالي عدن ، فقد كتبت هذا لأجل أهالي عدن و شبابها أنفسهم ، لأشكرهم على جمالهم ، و على نقائهم و نضالهم و على كل طبيعة فيهم ، و أما عن خسائرهم فالله معهم  لن يضيعهم ، ثم لديهم قادة لن تخذلهم _ بإذن الله _ ستواسيهم و هم ليسوا بحاجة للمواساة ، ستغيثهم بعد الله ، كما قد فعلوا و نحن و إن لم نكن منكوبين و لا متضررين إلا أننا شاهدين على صمود عدن و أهلها ، و نخوة قادتها و صلاحهم و إرادتهم الخير لها فالله يوفِّقهم لكل خير و ينصرهم على كل خائن ، و حفظ الله عدن الحبيبة و أهلها ..











هذا الفيديو يلخِّص ما أعنيه في سمة أهل عدن المتميزة : النضال و التفاؤل . 



و هذه الحارة الجانبية التي كانت بحالة سيئة ، لأنهم كانوا يعملون على المشروع الذي ذكرته في هذه التدوينة ، و لم يمهلهم الوقت لتسوية الأرض جيدًا ، فعلقت قرابة الثلاثة سيارات في الحُفَر ، و كلها تم إنقاذها بحمد الله و إن كانت بصعوبة خصوصًا و السيل حُبس بسبب البناء العشوائي و في النهاية فقد وجد له تصريفات أخرى ، فشربته الأرض و أنهت عليه شمس اليوم الحادة ، و اختفى إلا ان المكان بقي بحالة سيئة جدًا ، فالطين يغطيه و الطريق وعرة جدًا ، و لكن على أية حال لدي الأمل دائمًا أن كل شيء سيكون بخير ، و كل ما علينا هو المساهمة في بناء جنوبنا العربي بكل حب و فداء ؛ و في النهاية و رغم كل شيء ستبقى عدن حبيبة جميلة مهما حدث .






 






 





ملاحظة : هذه التدوينة كتبتها بالأمس و لم تسعفني الكهرباء لنشرها ، فنشرتها اليوم بعد أن عادت الكهرباء 😅


و أخيرًا أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك ، أعاننا الله على صيامه و قيامه ، و بلغنا ليلة القدر منه ، و جعلنا ممن قامه إيمانًا و احتسابًا فغُفِر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ؛ بالمناسبة عدن بخير و الأطفال سعيدون يغنون لرمضان " مرحب مرحب يا رمضان ، شهر العبادة و شهر الصيام ، رحبوا يا صايمينا ، شهر ربِ العالمينا ، عاده لله علينا و عليكم أجمعين "  و إن كان نشيدًا صوفيًا مبتدعًا إلا أنهم يغنونه لداعي الفرح فقط لقدوم هذا الشهر المبارك  😇 ، و على أية حال فهم ينشدونه أثناء قيامهم بحرق إطارات السيارات القديمة فوق الجبال مع شباب أكبر منهم للإعتناء بهم ، و هي طريقة قديمة لأهل عدن لإعلان قدوم الشهر المبارك ❤️️

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv