سحقًا .
لماذا هذه الجوزيفين
هكذا ؟
لقد نسفت جبال الحب
في قلبي لها .
هذا المزاج سيء
للغاية ، لم أكن أريد لنهاية الرواية أن تكون هكذا ، رغم أنني أعرف أنها هكذا !
الحقيقة أنها المرة
الثانية التي أقرأ بها " نساء صغيرات " و لا زلت غير مصدِّقة إلى الآن
موقف جو من اعتراف لوري ، لا أستطيع تقبُّل الأمر أبدًا ، قد أبدو سخيفة في هذا و
لكن الكاتبة خسرت قارئة متشوِّقة في نهاية الأمر .
لقد تغاضيت عن كل
المعتقدات الخاطئة ، و كل الملل الذي يتسلَّل للسطور من قراءة يوميات العائلة هذه
، فقط لأجل أن أرى جو تنهزم أمام تمسُّكها الشديد بمعتقداتها ، أعتقد أنني
تأمَّلتُ بهذا الكثير .
ربما ظنَّت لويزا أن
من المثير أن تخرج عن المتوقَّع و يكون لجو قصة أخرى مع الأستاذ باير ، و لكنَّها
طاشت كثيرًا عن النص و السير الذي يحبُّ أن يقرأ به القارئ ، و رغم أنني لا أمانع
أن تفشل بعض قصص الحب و أدرك أن هذا يعطي لمحة نضج على الأبطال بعد كل تلك السنين
، و لكن كعاطفة لوري كان جدير بها أن تبقى ، و من المؤسف جدًا أن تذهب أدراج
الرياح بقصة درامية عن قوَّة جو في صدِّ محبوب و صديق منذ سنين طويلة ، و الأدهى و
الأمرُّ أن تقلب الكاتبة حبُّ لوري لجو إلى حب لآمي ، كان هذا مزعجًا كفاية كي
يجعلني أتوقَّف كل مرَّة قبل أن أنهي الرواية بفصول قليلة و بسخط و جزع !
أظنُّ أنني أرى بأن
قصص الحب التي تبدأ منذ سنين طويلة جديرة بالبقاء و الاهتمام من تلك التي يراد بها
الخروج عن المألوف ، أو إثبات أن للشخص قدرة كبيرة على صدِّ الآخرين مهما تمزَّق
داخله ، و هذا بنظري خيالًا واسعًا ليس متواجدًا في الواقع دائمًا ...
على كلٍّ أعدتُ قراءة
الرواية على أمل أنني قد نضجتُ كفاية ، و أن مزاجي لن يتعكَّر بمثل هذا الحدث ، و
أنني لن أتفاجئ لأنني أعرف من قبل عن هذا ، و أنني لن أتأزم من الرواية أكثر ، و
لكنني فعلتُ مع كامل الأسف ، و أتساءل حقًا : أيمكن أنني لا زلت على نفس الدرجة من
المعرفة التي كنتُ عليها قبل خمسة أعوام !؟
هذا مشين فعلًا ، و
لن أسمح لرواية واحدة أن تحكم على مقدار نضجي أو معرفتي بحقائق الأمور .
إنها ليست المرَّة
الأولى التي أتأزَّم بها من نهاية غير جيدة لرواية ، و هذا لا يعني أن موت الأبطال
أو تغيير العواطف في الروايات دائمًا غير جيِّد ، بل إنني أتقبَّل هذه الأشياء
برضا لأنني _ على ما أظن _ أدرك أن الحياة لا بدَّ تتحرَّك عكس الريح مرَّة ، و
لكن غير الجيِّد هو ذاك الشيء الدرامي و المفاجئ بصورة مؤذية ، و الأشياء التي
يراد بها انكار العواطف الإنسانية ، و تغيير المشاعر الطبيعية بتدخُّل كاتب هاو !
حسنًا أعترف أنني
هُزِمت مرَّة أخرى و ببشاعة أكبر في " جريمة مقتل روجر اكرويد " ، لقد
فاجأتني إجاثا هذه المرَّة بصورة مفجعة ، يا إلهي كل ذاك النظام و كل تلك الحركات
المتسلسلة كتبها قاتل ، قاتل لديه " عرق الضعف " المزعوم ذاك ، بصراحة
هذا خطأي لأنني وثقتُ أكثر من اللازم ، ما كان عليَّ أن أكثر من التركيز في بيت
شبارد ، كان عليَّ أن أرافق بوارو أكثر و لكنني أحببت أن أغيِّر الصحبة قليلًا ، و
لكن بالفعل هذا مذهل ، أقصد الشبارد هذا ، لقد دفعني للحماسة الشديدة حتى أنني قمت
بوضع لائحة للمشتبه بهم و نقاط لتسلسل الحوادث ، و شككت بفلورا ثم شككت بمدبِّرة
المنزل راسل ، كدتُ أكون متأكدة من أنها راسل إلا أن نقطة أو نقطتين أبقتني في
دائرة الشك ، في النهاية شبارد الراوي ، شبارد الذي أحببتُ هدوؤه و تعامله الرسمي
مع كل الأشياء ، شبارد الذي وافقته حتى على كمية الإزعاج التي تُسببها كارولين ، و
في كثير من المواقف شعرتُ معه بالإطمئنان ، بصراحة أشعر برغبة شديدة في ضرب هذا
الشبارد المراوغ ، لقد خدعني !
و لكنني استغربت
طويلًا من عبارته التي كتبها قائلًا : " و قمتُ بالقليل مما علي فعله "
، تساءلت ماذا كان عليه أن يفعل ؟ ، خصوصًا عندما أشار لعدم لمسه الجثة إطلاقًا ،
و تعجَّبت من انفعاله المبالغ به عند ذكر كارولين موت زوج السيدة رافيرز و اتهامها
بأن زوجته سمَّمته ، و لكنني عزوت الأمر الأول إلى أنه قد يكون استأنف فحص الجثَّة
أو قام بشيء من الأشياء التي لا يجب أن يكون لها تفسيرًا كتلك التي نفعلها في
الوقاع باعتيادية و آلية ، و إن كنتُ لم أزِل الشك كله بعد إلا أنني تغاضيت عن
الأمر في النهاية ، و الثاني أنني فخرتُ به بأنه يكره الحديث في الناس بير أدلَّة
قاطعة ، و أعجبتُ برفضه لاتهام الآخرين بدون دليل ، و على كلِّ حال ففي كثير من
الروايات الأجنبية أجد العادات الغريبة عن عاداتنا و حتى المشاعر العجيبة التي لا
ألتفت لها كثيرًا ، لذا كان لزامًا عليَّ أن أتغاضى عنها قائلة لنفسي : إنه مجتمع
آخر ، أفكاره أخرى و حتى عاداته ، فلا يمكنكِ المقارنة يا أسماء .
و هذا كثيرًا ما
يعرقل تحليلي في هذه الجرائم أو حتى توقعي للأحداث في بعض الروايات تمامًا كما
فعلتُ مع " نساء صغيرات " أعلاه ، لأنني أرى أنهم أكثر تنظيمًا منا ، و
حتى العشوائي منهم تكون تحركاته محدَّدة جدًا مقارنةً بنا ، أو ربما لن أعزو هذا
إلى المجتمع الغربي بل سأقول أنهم في النهاية أبطال قصة و ليسوا حقيقيين ، كما
أنني أرى أن قصص تلك الأعوام البعيدة تحتوي على تفاصيل أقل ، حتى الأدوات في ذلك
الوقت كانت قليلة محدودة ، أما الآن فهي كثيرة كثيرة جدًا ، للحد الذي أعتقد به
أنه يصعب حصرها .
فمثلًا عندما يحلِّل
شارلوك هولمز شخصية " ماري سذرلاند " عندما تدخل عليه أول مرة كي تعرض
قضيتها " قضية هوية " بعجلتها تلك ، و يكشف بقعة الحبر على قفازها من بين الملاحظات الكثيرة التي
أدهشنا بها ، إنني الآن باستطاعتي أن أكتب رسالة على الهاتف و لا يظهر أي شيء على
يدي ، و بوسعي أن أكتبها على الدفتر أو ورقة فلا يصيب يدي أي حبر لأن القلم أصبح
آمن تمامًا و لا يتطاير حبره كما لو كتبتُ بمحبرة ذاك الزمن .
بالنسبة للملابس فهي
متشابهة ، و لعادات وضع المعطف ، و لنوعية السجائر ، و صلاحيات الخدم في المنزل ،
هذه أشياء أصبحت كثيرة و غير محصورة في يومنا هذا ، و بذلك الإحتمالات أكثر و
الحيرة أكبر ، على الأقل فيما أظنُّ أنا .
بالنسبة لبداية
التدوينة فقد كنتُ حانقة من الكاتبة بالأمس عندما كتبته ، و حاولتُ التريُّث قبل
أن أنشر بالأمس خصوصًا و أن حنقي كاد يجعلني أفصِّل كثيرًا بالرواية ، فالضيق الذي
بعثته لي الأحداث الأخيرة جعلني أدخل في نوبة جزع و ضيق ، أما الآن فأنني أقرأ ما
كتبته بابتسامة و ضحكة في الواقع و أقول : لا بأس لا بأس هذه هي الحياة يا أسماء ،
و ما دامت لويزا الشريرة أرادت للأحداث أن تكون كذا فلا تحنقي كثيرًا ، الأمر سهل
قومي بكتابة روايتك الخاصة التي تناسبك ، ذات الأحداث التي لا تخرج عن المسار بشكل
مفاجئ ، و بالطبع إياك أن تجعلي المفاجأة عظيمة للقارئ نهاية الأمر بالكشف على أن
بطلك الأفضل هو القاتل ذو " عرق الضعف " .!
و هكذا فقد نجحت
بكتابة قدر لا بأس به من الرواية العالقة ، و خرجتُ من مأزق كنتُ أرى قدراتي لا
تستطيع اعطاؤه حقُّه من السرد ، و هكذا صرتُ راضية و متحمِّسة و إن كنتُ ممتعضة
بعد مفاجأة شبارد الوغد ، على أيَّة حال هذه الحياة و سنمضي و تمضي .
و الغريب الذي لحظته اليوم هو أنني أتوقَّع كلَّ
شيء _ تقريبًا _ في الواقع و الحقيقة ، و لكن في خطة سير رواية أو قصة فإن خياراتي
تكون محدَّدة غالبًا ، و أشعر بأن صدمتي بها تكون أكبر من الواقع حتى !
أتساءل أيعني هذا
أنني واقعية أم لا ؟!
غراب.
لا
أدري لماذا نشر جناحيه بكل اعتزاز ، كاميرا الهاتف لم تخذلني في الوقت المناسب كما
تفعل دومًا ، المهم أن لحظية هذا الغراب توثَّقت على الرغم من غرابتها ، هذا في
صالح الأشياء التي كانت رغم أنه ليس لها أن تكون❕
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق