هذا ليس له شأن
بالإرادة .
كانت يومًا لدي إرادة
فأهلكتني .
الإرادة ليست المشكلة
، يمكن لأي أحد أن يمتلك إرادة بقليل من الجهد ، و شيء من الإقناع !
الإرادة ليست جيدة
دائمًا ، إرادة المجرم سيئة ، إرادة صاحب الخطيئة مؤذية ، إرادة الأشياء المستحيلة
ممرضة .
و لكنها بشكل عام
ليست محتقرة ، هناك الكثير من الأشياء التي انطلقت بإرادة جادة ، كانت أشياء جيدة
، و لكن الإرادة العمياء دومًا مُهلِكة .
خذ مثالًا :
أحدهم لديه إرادة
لشيء معيَّن خارج إطار قدرته ، لنفترض أنه في سجن و إرادته أن يزور شخصًا محدَّد
يتمتع بالحرية ، قضبان سجنه تحول بينه و بين الزيارة ، قوانين السجناء لا تهبه
الحق في الخروج و لو أعطى موثقًا لن يُخلفه أنه سيؤدي زيارته فقط و سيعود لزنزانته
، كل الأشياء تحول بينه و بين تلك الإرادة ، و في النهاية سيكون أمامه خياران فإما
أن يهرب بمكر و بأي طريقة ليرضي إرادته القوية ، و إما أن تُحتبس إرادته بداخله
فتوهنه و تنخر بداخله كالسوس .
و بهذا نعرف أن
الإرادة ليست المشكلة في كل الأمور ، هناك الكثير من القواعد و القوانين التي قد
تقف أمامها فتكبتها أو تفجِّرها فينتج عنها الفعل ثم تُستهلك و تخمد ، و لا بد أن
يكون لها الآثار ...
يومًا أردتُ أن أبدو
فأحيا ، فبدوتُ و لم أحيا
يومًا أردتُ أن أمضي
فأكون ، و مضيتُ فلم أكن
وقتها .
ذبلت إرادتي
فهمتُ أنها لا تكفي
و أنها لا تكسر
القضبان
و أنها لا تثبِّت
البنيان
و أنها لا تنجح دومًا
حينها أدركت ، و إن
كنتُ قد تأخرت ففي النهاية فعلتُها .
[ الآن أنت تدرك كم كنتَ أحمق ، و كم كنت
ساذجًا برؤيتك .
كان
ما تبدَّى لك حياة كان مجرَّد لوحة ، و كنتَ تسعى لها بظنِّك أنها المبتغى ، حُدت
عن الطريق ، سهوت عن النظر أبعد من تلك النقطة ، الأرجح أنك كنتَ قاصرًا ، فأخفقت
.
و
ببشاعة قمتَ بعد الإخفاق بإرادة عمياء ، دفنتها في غمرة غضبك و لم تمضِ ، بل قمت
تبني عشًا تعيش فوق قبر إرادتك ، و أحلامك الحلوة و كل الأيام المبتغاة ، فشلتَ طويلًا
. ]
ذات غفلة تساقطت هذه
الحروف الجزِعَة ، كنتُ كأي إنسان يحتاج شيئًا من التوبيخ ، من اليأس أحيانًا ، من
الحزن كي يستمر في العيش ، الإخفاق المتكرر جيِّد ليعطيك بعض الخبرة ، شيء من
التجارب ؛ مقدار حاجة الإنسان في هذه الدنيا للحزن لا تكاد تقلُّ كثيرًا عن حاجته
للفرح ، هذا الإنسان أضعف من أن يعيش فرحًا على الدوام ، و حدث أن تقمَّص أحدهم
دور الحزين من أشياء نقَّب عنها بحرص ...
و تأرجُح الضعف و
القوة يكون عبر مخزون الخبرة ، أعداد التجارب ، و آثار الذكريات ، و تراكم طين
قليل على طين قليل كافٍ ليبدأ جذعٌ بالظهور .
اليوم يصلني خبر وفاة
مبارك القديم من فريق " لبنة و طين " ، توفي يوم السبت الفائت بتاريخ 13
| 6 | 2020 م ، اللهم اغفر له و ارحمه و عافه و اعفُ عنه ، و أكرم نزله ، و وسِّع
مدخله و اغسله بالماء و الثلج و البرد ، و نقِّه من الخطايا كما ينقَّى الثوب
الأبيض من الدنس ، اللهم ثبِّته عند السؤال ، و اغفر له يا غفَّار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق