18‏/6‏/2020

# دوامة الآس

نهايات


لا واعي إذًا .

ذاك الخط الملتهب وسط الصدر ، يمتدُّ إلى الذاكرة ، لا شيء يمكن أن يطفئه ، الأفكار هوجاء لا قائد لها ، في الثانية فكرة و فيما بعد الثانية نسيان ، تسير و لكنك تنسى إلى أين ذاهب !

لماذا ؟

و كيف ؟

كانت لديك فكرة صغيرة عن حلم قررت أن تكسر به حدَّة وضعك ، و أن تتجاهل به ذاك الخط الملتهب و أن تمضي قدمًا .

و لكن الذاكرة ستنحرك ببطء ، كل الأشياء ستعاود الظهور في رأسك ، أسئلة كنتَ قد قرَّرت أن إجابتها مؤلمة كفاية كي تتجنَّب تذكرها ، أفكار لم تعد صالحة لأن يُعمل بها ، و الأحلام التي حرصت على أن تعطيها تنفس اصطناعي و فاجأك أحد الطرق بشيء يسهلها ما عادت تعنيك حقًا ، باتت مجرَّد هراء .

أنت ما عدت نفسك ، أوه أقصد ما كنتَ أنت منذ وقت طويل .

صحيح أنك صرفت أيامًا كان الخواء ينهشها في سبيل أن تجد نفسك ، إلا أنها تبدو الآن تضحية عمياء ، تضحية للا شيء .


لقد بلغتَ الثامنة عشر و عشرة أشهر بالتمام ، و أنتَ لا زلت في نفس الضياع و ذات الضياع المبتذل ، قريبًا ستبدأ مشوار التاسعة عشر و عندها ستمضي نفس الأيام ، و ستصبح فجأة في العشرون دون قلب .



كنتَ تتنفس بلا شك ، و لكن لم تكن رئتيك ليصلها شيء من الهواء ، كنتَ تتحرَّك أيضًا بغض النظر عن أنك كنت تفعلها بآلية ، و كنتَ تتذكَّر و لكن بدون أي ترتيب ، كل الأحداث كانت متداخلة ، و غفوة طويلة تنام تحت جفنيك المسدل بثقل على الدوام ، حدقتيك نصف مفتوحتين تشاهدان و لكن لا تعيان شيئًا ، أتظنُّ بأنك لست حي !


بل أنت حي ، و لكنك لا تعيش ، كأي شيء جمادي و آلي ، يمكن أن تكون لديه ردات فعل لكنها ليست مسرفة ، له نهاية و لكن بدايته غير حقيقية و بلا توقيت محدَّد ، كنتَ تنمو كي تبدأ وجودك لوقت طويل ، مرورًا بمراحل كثر و لهذا يعتبر تاريخ ميلادك نهايتها ، و لا أدري كيف يمكن لأي إنسان أن يعتبر تاريخ الميلاد بداية ، بالطبع كانت نهاية ، و نهاية أقسى ، و أنت أصبحت من بعد النهاية مبتدئ في فن الوجود و عيش الحياة ، ستنتهي لتبدأ كأي شيء قابل للعطب ، ستمرض ستتوعَّك ستسقط و لكنك ستحيا ، شيء واحد يمكنك أن تفقده و بطريقة ما لا يفقدك حياتك هو أن تعش بلا وعي ، أن تفقد ذاك الشغف ، و أن ترى الأحلام هراء و الآمال هباء ، و أن تمضي رغم كل ذاك الشرخ الذي يكاد ينصِّفك ، و أن تبقى طويلًا حتى يحين وقت نهايتك الثانية .


نهاية بعد نهاية و أنت يا صاحب الخط الملتهب تمضي بدون توقف ، و لكن بكثير من النسيان ، بكمية غير معقولة من الإهمال ، تمضي .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv