26‏/5‏/2020

# تصوير # دوامة الآس

أيَّامٌ خالية ، و فجرٌ كاذب


أعترف بحاجتي لليوميات هذه ، ليس لشيء أكثر من الإمتلاء ، و الشعور بالغنى عن الحديث الطويل مع أحد يهتم بهذه التفاصيل ، التي لن تهم أحدًا سواي ، و ستكون في رصيد التجارب أو حتى الذكريات ...



يوم العيد كان هادئًا تمامًا ، صباحًا قرأت رواية قصيرة ، ثم قمت بتجهيز العيديات البسيطة بعد أن أجَّلتها ليلة العيد ، استمرَّ العمل حتى الساعة الثانية ظهرًا ، ثم حاولت أن أنام و بعد عناء نمت ، فليلة العيد لم أنم بها أبدًا ، صحوت عند الرابعة عصرًا ، اخذت حمامًا سريعًا ثم خرجت للسوبر ماركت اشتريت علبة شوكولاتة " Raffaello " التي أضفتها للعيديات ، و عدت ألصقها لتصبح جاهزة ، و ارتديت فستاني الجديد و أتممت زينتي و ذهبنا لمنزل جدتي أم والدي ، هناك كانت الأشياء ضبابية ، مجاملات كثيرة و شيء من البرود و المشاعر السطحية جدًا ، جلست مع بنات عماتي تحدثنا في مواضيع شتى ، و فجأة وجدت نفسي أخوض نقاش سياسي بحت ، زفرت وسط النقاش الحار ، و هدأت كلماتي ، و قد ذكَّرت نفسي : ما المهم في الإقناع ؟

مجرَّد فتيات أصغر مني ، ربما يمتلكن خبرة أكثر مني في الأشياء الأنثوية ، و الإتيكيتية ، و لكنني في عالم آخر ، و أبدو دائمًا بجانبهم عجوز هرمة ، همُّها الجنوب و عدن و النصوص الأدبية الغنيَّة و بعض الأشعار ..!


اقتباس بسيط من وسط النقاش :

قلت _ صدقيني أنتِ لم تشهدي على حقيقة الأشياء .

هي _ بل أنتِ من تحكمي على سطح الكوب و لم تتمعَّني في داخله !



كانت هذه عبارتها التي تكرَّرت ثلاث مرات على الأقل ، في المرَّة الثانية كنتُ كالملسوع أفزُّ ، من أناقش ؟!

و هذا ليس احتقارًا و لا استنقاص ، فهي صديقتي و أحبها على كلِّ حال ، إنما كان السؤال يعيد إليَّ رشدي ، فهي أصغر مني بعامين على الأقل _ و إن كانت أطول مني ! _ و هي لم تكن وقت سرد الحقائق حاضرة ، و لم تكن ضمن من عاش في داخل الكأس الذي أصرَّت على وجوده و حكمت عليه بالنظر فحسب ، و هي قد كرَّرت إستعارتها لأنها ظنَّت أنه و بما أنني قارئة فسأفهم الأمر ، أو حتى سأعجب بتشبيهها ، و أظنها ظنت الثاني لأنها أثناء تكرارها كان في عينيها لمعة فخر باستعارتها ؛ على كلٍّ لم ينتهِ النقاش لأنه قُطِع بغير قصد _ كما أتمنى _ فابتسمت و حاولت تخطِّي الأمر بالكليَّة ، مكرِّرة بداخلي : اخرسي ، و إلا سينبذك الكأس المزعوم لأنَّك شرحت الأمر بطريقة أكثر من مستحقَّة !



عندما عدنا ، و بعد أن صلَّيت نزلت الطابق الأوَّل لأحضر بعض الماء من الثلاجة الكبيرة ، و في آخر درجات السلَّم تعثَّرت ، و التوت أصابع قدمي اليمنى للأمام ، كان الألم فضيعًا ، و لكنني _ كالعادة _ تحاملت على نفسي و قمت أحضر الماء بعرج !

بعد ساعة أو اثنتين كنت أصنع الأكسسوارات الناقصة من بعض العيديات ، ألقيت نظرة على أصابع قدمي التي تلهبني من الداخل ، كانت قد تورَّمت و اخضرَّت و ازدادت حرقة ، و عندما انتهيت من صنع الأكسسوارات اللازمة قمت و ضغطت عليها بغير قصد فشعرت بأن شيئًا ثقيلًا كأنه سيخرج من معدتي لشدة الألم !




و تذكَّرت الحادث الذي جرى في الثامن شهر أكتوبر الماضي كما كتبت في مذكِّرة صغيرة للأحداث الهامة ، عندما كنتُ ذاهبة للدوام و عند نزولي من باص المواصلات ، قطعت الشارع بعد أن نظرت للإتجاه الذي تأتي منه السيارات ، و لكن كان هناك باص مخالف آتٍ من الجهة المعاكسة و دهس قدمي فشعرت بشيء ما يكاد يخرج من معدتي ، و من الجيِّد أنني دفعت أمي للخلف قبل أن يدهسها كذلك ، كان الموقف مرعبًا ، لم يتوقَّف السائق الذي لم أرى سوى كشيدته الصفراء ، و في ذلك الوقت من الظهيرة تحديدًا قبل أن تحين صلاة العصر بربع ساعة يكون الشارع فارغًا إلا من بعض المواصلات القليلة ، لهذا عندما مرَّ الباص بعد أن دهسني ، هتفت أمي : كاد أن يدهسنا !

بينما لم أنبس ببنت شفة ، فلم أرد أن أخيفها بإصابتي بالساق و أصابع القدم ، و مشيت ببطء شديد و عرج واضح للعيان ، بقدمي اليمنى المصابة كنت أعتمد على كعب القدم و الشعور العام في كلِّ القدم دبيب استمرَّ لدقيقتين ، ثم انتفض جسدي بضريب جعلني أرتجف ، أخفيت كفاي خلف حجابي و مشيت بذلك البطء و أمي تردِّد : حسبي الله و نعم الوكيل !

كان الدوام يومها أليم ، فقد كان الصداع يلتهم رأسي ، و الضريب ينفض عضلاتي فقدَّمت الحصص بشكل فاتر ، و استخدمت عيناي للتخويف بدلًا من صوتي الذي خفت من الصدمة ، عندما وصلنا إلى هناك قلت لأمي بهدوء أنه دهسني بالفعل ، و أن قدمي تكاد تكون خرقة لا جدوى منها ، فعادت بقلق تسأل و تتحسَّب ، و بالطَّبع رفضت أن أتخلَّى عن الدوام ، فتابعته بما تبقَّى لي من قوة ، و في طريق العودة كادت تصحبني أمي للمستشفى فأكَّدت لها بأنني لا أحتاجها ، و أن لي من القوة ما أعود به للمنزل و بعدها يكون لكل حادث حديث ، و في المنزل أخفيت عن أمي حجم الإصابة و طمأنتها بأنه دهسني بسرعته فلم يؤذني كثيرًا ، و الحقيقة أنني لم أن أريد الذهاب للمستشفى ، كنتُ خائفة قليلًا و متوجِّسة من أن أصادف نفس الطبيب ذو النظارتين الدائريتين و أن يضغط على موضع الألم قائلًا ببرود غير آبه بألمي من ضغطه : " مافيش حاجة ، مافيش شي " كما حدث من قبل ، فأعود بألم مضاعف و أغضب على فيتاميناته الغبية و أرميها بالقمامة بقهر !


و عودة للأمس ، و عندما ضغطت على أصابعي المصابة بغير قصد ، و تأوَّهت من الألم ، أصرَّت على أن أضع الخلطة الدائمة التي أضعها على إصاباتي فتهدأ الآلام و لو بشكل مؤقت ، و هي عبارة عن " كركم و حناء و ماء نخلطهم ثم نضعهم على النار حتى تدفأ ثم أضعها على مكان الإصابة و أربطها بقطعة قماش و أسترخِ فيهدأ قليلًا " ، اعترضت على اقتراحها متعذِّرة بأننا في العيد و أنني بهذه الطريقة سأشوِّه قدمي بشكل مؤقت بلون الحناء العشوائي على ظاهر القدم ، و تعذَّرت بأنني مرهقة و أنني لا أستطيع القيام لتحضيرها ، فأصرَّت على أن تحضِّرها هي ، و هكذا فعلت قائلة : " الأناقة مبتنفعكش و انتي معوَّرة "


و هكذا أصبحت قدمي بشكل غريب ، لكن ليس عليَّ فغالبًا ما يحدث لي نفس الأمر و لكن ليس في العيد 😐

في فجر اليوم و بعد الصلاة لم أستطع النوم ، شعرت بالنعاس الشديد لكن عيناي مفتوحتين على وسعهما بلا هدف ، فحفظت صفحتين مما سأسمِّعه يوم الخميس من سورة آل عمران و هما الصفحتان قبل الأخيرتان من السورة ، و كتبت نصوصًا عابرة على مذكِّرتي ، و عندما يأست من أن أنام ، قمت فصنعت إكسسوارات لبعض ملابسي الجديدة ، و عند الساعة السابعة صباحًا أصرَّيت على النوم ، لأنني أدركت أنني لو لم أنم فسأكون غير سعيدة بزيارة منزل اختي في الصباح ، و بعد كثير من الوقت نمت أخيرًا ..!


و عندما استيقظت تجهَّزت للزيارة و ذهبنا بعد صلاة الظهر ، و سار الأمر على ما يرام هناك ، منزلهم مبهج بتجهيزات العيد ، و العيديَّات التي قدمها لي بنات أختي جميلة و دافئة و بعثت في نفسي كثيرًا من السعد و الألفة ، نور الوسطى أبدعت في صنع الكيس الورقي و كتبت بخطِّها الرائع عليه عبارة " عيد مبارك " و بداخل الكيس وردة و حزمة شوكلاتة و علك و نعنع و في ورقة صغيرة كتبت كلامًا لطيفًا بخطِّها العادي ، و براءة الحبيبة و الأصغر من البنات الثلاث أعطتني كرتًا لطيفًا بعبارات مهنِّئة بخطِّها ، حتى البراء ذو الست الأعوام قدَّم لنا علكًا و نعنع و ريالات رخيصة كان فخورًا بتوزيعها علينا😀

 

 

  

  

  


 

التجهيزات جميلة جدًا ، و قد غطَّت على تجهيزاتي تمامًا ، أختي و بناتها أبدعوا بحق  👌



 

 

 هذه عيديَّة نور الجميلة لنا ، و كل ما هو مكتوب بخطِّها الجميل 💌


بعد المغرب صعدنا إلى السقف الصغير ، أشعلنا الألعاب النارية ابتهجنا بها و بألوانها الزاهية ، و انقضى الوقت سريعًا فعدنا للمنزل ... 


( و ها أنا أكتب لأفرغ هذه الأحاديث الكثيرة التي تتزاحم بداخلي ، أكتبها لا للهدف أو لمغزى مهم ، أكتبها لكي لا أكون بعد أعوام منكرة لذاتي كما قد حدث ، أكتب لأكون ، أكتب لأمضي لا لأعود ، أكتب كي يمتلئ هذا الفراغ ، و يعمَّر هذا الهجران ، و تهدأ فوضى الخواء التي تعبث بالداخل من هذه الروح . )


في فجر اليوم كتبتُ نصًا يترجم بعضي ...


الفجر الكاذب

الخدعة التي لم أعرف طريقتها ، و دومًا أتصوَّرها صبح مزيَّف طلع و لم يطلُع ، شفاف شفَّ عن عتمة ، تمامًا كبعض الأشخاص ، كبعضي تحديدًا !

و لهذا دومًا كان الضياء مصيبتي .

 

شعور الزيف يتملَّكُني ، و عندما أحاول أن أبدو غير مزيَّفة أكون أكثر تزييفًا بهذا !

عندما أضع شيئًا تجميليًا على وجهي أبدو مزيَّفة قليلًا ، و عندما أمحوه أعرف أنني ازددت زيفًا إلى زيف !

أقول أشياء لا أعرفها ، لم أتحدَّث بها مع نفسي ، أحكي المواقف التي حدثت بعين مشكِّك في رواية نفسه ، لم أتمعَّن بها كفاية ، أبدي وجهة نظر شخصية و أكاد أعطي نفسي نظرة سخرية ، لم أناقشها بشكل خاص يومًا ! ، أكتب فقدًا طويلًا و حبًّا كسيرًا و وجعًا أصيلًا ثم ألتفت إلى إحدى زواياي المهجورة و أبتسم باستفزاز فتثور و أعاود زيفي نفسه بتزييف وجعي فرحًا و حرقتي برودًا و ضجتي هدوءً !

لا يناسبني ؛ لا شيء يناسبني ، لا الزيف و لا الحقيقة ، الزيف يرهقني و يشوِّه احترام الذات بداخلي ، و الحقيقة مؤلمة للحد الذي تُضعِف قوى الصمود المتشبِّث بها قلبي .

و ما بينهما لا أجيده .

اللاتواجد صعب عليَّ ، الصمت شيء ليس من نهجي ، دائمًا هناك شيئًا أُشارك به ، و لا أرضَ مطلقًا بأن تكون نهاية الحديث عندي ، لأن عقدة الذنب ستخنقني و ستكرِّر عبارات الخيبة طويلًا من عدم إجادتي للحديث حتى ، بالتالي تدفعني لخلق فرصة أخرى تُفسِد و لا تصلح !

تعبت من تناقضي ، و في حقيقة الأمر لا أرغب بأن أفقده ، لأنني لا أتصوَّر العيش بغير هذه الذات ...!

أبدو أعرفها مهما تنكَّرت ، أفهمها و أقدِّرها كلَّما تعسَّرت ، و عندما أنظر في الذوات من حولي ، بكل جمالها ، و قوتها و زهوِّ صفحتها ترهقني ، و تشعرني بالملل من دقَّتها و مثاليَّتها ، و أجدِّد إقراري بتواجدي الصحيح هنا ، في الوقت غير المناسب دائمًا ، عند الحافَّة أبدًا ، على درب العابرين أمضي ، من فوضى العالمين أهرب مع فوضويَّتي ، إلى السراب الجميل أهرع بكل سرعتي ، و رُبَّ ورقة مهترئة عتيقة .







 هذه العيديات التي صنعتها ، الظرف صنعته من غلاف هدايا بلون كاكي كان معي ، صنعت الأساور بالحرف الأول لكلِّ من سأهديه الظرف ، و وضعتها بالداخل ، ألصقت الشوكولاتة على الظرف ، و رسمت رمزين بسيطين إما وردة و إما قلب ، حسب ما أرى أنه يشبه التي سأهديها الظرف ، في عيديَّة البراء أعطيته ريالات بدلًا من الأساور ؛ و لا أنسَ أنني قد صنعت غلاف الآيباد بالكروشية الذي طلبه مني قبل مدَّة و لم أتفرَّغ له إلا في العيد ... 

 

 

  

  

  


هناك 4 تعليقات:

  1. عيدك مبارك يا أسوم وكل عام وأنت بخير ❤
    ودامك أعيادكم بالمسرات ..
    قبل اسبوع او أكثر ظننت اني اشترك بمدوتك بالبريد ولكن لأن الصفحات بالانجليزي لم اركز وظننت أني اتممته وعندما عدت اليوم بعد ما ضغطتي لايك لتدوينتي تفاجأت بتدوينك ! لماذا لم تصلني وعدة مرة أخرى و تابعت التسجيل لأكتشف انه يرسل بريد به رابط لاتمام المهمة وقد تجاهلته لكثرة الايميلات الانجليزية من سامسونج وابل والشركات الدعائية ..
    المهم نعود لتدوينك ولحظات عيدكم السعيد _ بغض النظر عن اصابة قدمك شفاك الله وعافاك _ التجهيزات حلوة وعيدياتك أيضا ً حلوة و كذا بيت أختك سلمت يداها وجمعكم على الخير دائما ً ❤
    ضحكت قليلا عندما قرأت عن اصابة اصبعك وقلت ياللأسماءات كلهن مصابات ��
    لا أتذكر بماذا صدمت أو كيف ؟! لكن مساء العيد وعندما كنت أهم باعداد حليب ساخن لي وللصغيرات آثرت الكشخة ولو كنا لوحدنا ارتديت الكعب وازداد ألم اصبعي وشعور حرقة غريب وعندما رأيته كان يسيل منه الدم ومتجلط قليلا عند الأظفر لعله منذ مدة لكني تحاملت ولم انظر ��المهم اننا سنعيش باذن الله ��
    واعتذر عن هذه المعلقة لكنها تعويض عن سوء التسجيل في مدونتك ��
    سعدت بقراءتها كثيرا ً��

    ردحذف
    الردود
    1. و عيدك أيضًا يا بعض أسمائي ، كل عام و أنتِ إلى السلام أقرب ، للأنام أحبُّ 💙
      لو تعلمين كم سُعِدت بتواجدك هنا ، و لكم تشرَّفت بك ، يجب أن أعترف بأنني لم أصادف أسماء وهبتني جرعة دفء غيرك ❤️️
      آمين يا عزيزتي ، و شفى جرحك الظاهر و الباطن ، و كما قلتِ تمامًا سنعيش سنعيش ، اصابة كهذه ما هي سوى ذكرى و سنمضي .
      لا تنظري ، غافلي الوجع و ابتسمي كما فعلتُ ، و أظنُّ أننا سننجح بلعبة التغافل دائمًا .!
      لا تعتذري ، غمرتني بهطل مطرك و أنا ممتنة لك ، سلمتِ يا حُلوة .
      أتعرفين ، لا زالت تدوينتك من ضمن الجلسة السابقة على فايرفكس ، لا زلت لم أجد تعليقًا صادقًا يحكي جمال الشعور عندما قرأتك ، هناك فيض من سلام بين كلماتك و لا أبالغ ، تبدين في كامل استحقاقك لتكوني ملاذًا لحبَّات المطر و سمائها 🌧👌

      حذف
  2. تدوينة جميلة وكلمات لطيفة، أتمنى أن تزوري الطبيب في أقرب فرصة لنطمئن على سلامتك
    أيامك كلها فرح وأعياد إن شاء الله

    ردحذف
    الردود
    1. أنتِ اللطيفة ولاء الجميلة ، لا تقلقي سأكون بخير كالعادة ، أعتقد أن ما يحدث لي دائمًا يسمَّى " تمزُّق " و لحسن الحظ لا يكون قويًا جدًا ، فيمكنني احتماله و مع الوقت يذهب الألم و أعود بخير ..
      نعناعة كما أحبٌُّ أن أدعوك ، شكرًا لإطمئنانك ، و لروحك الحلوة ، سلمتِ على تواجدك الجميل .🌸
      و أيامك يا رب ~

      حذف

Follow Us @techandinv