14 رمضان 1441 هـ
آه الآن انتبهت ،
اننا ننتصف رمضان !!
ما أسرع الأيام !
اليوم يومٌ عابر ، لا
شيء مثير للإهتمام ، أو محفِّز لخلايا التأمل الضعيفة عندي ! ، سوى أنني أصبت
بالأرق بالأمس ، فبعد ان صلَّيت الفجر بقيت أتقلَّب كسمكة مشوية على سريري ، طلعت
الشمس و تسلَّلت بعض الإضاءة من النافذة و لا زال عقلي يعمل ! ، أوبِّخ نفسي :
" بايتخربش نظامك أحسنلك ارقدي " و لكن لا جدوى ، اغمض عيناي بقوَّة و
أردد بداخلي : " هدوء و ظلام نامي نامي " و لكنني فجأة أجد نفسي أغوص بين الأفكار و
الخطط و المشاريع دون توقُّف ، و عندما يأست حقًّا أتيت بمصحفي و فتحت إضاءة
الهاتف الصغير فرغم أن الشمس طلعت إلا أن الإضاءة ليست كافية ، و بدأت أقرأ وِردي
اليومي و ما إن أتثاءب حتى أضع المصحف في المكتب خلفي بسرعة و أغلقت الهاتف ، و
عدت لوضعية النوم !
لا فائدة ، لم أنم
حتى مع سرعتي بوضع المصحف ، و عندما وجدت أنني عدت للتفكير دون هوادة أخذت المصحف
و عدت للقراءة حتى انتهيت من وِردي كاملًا _ و الذي كان عبارة عن ثلاثة أجزاء _ ،
بعد أن انتهيت من القراءة و أدركت أن حضرة النوم لم يجيء بعد ، و تذكَّرت أن معي
موعد تسميع في برنامج " ألف لام ميم
" على واتس أب ، بدأت بحفظ المقطع الذي سأسمِّعه ، و ما إن حفظته
تمامًا ، قررت أن أحاول مرَّة أخيرة و هدَّدت نفسي بأنني إن لم أنم سوف أقوم لفعل
أي شيء مهم ، فقد سئمت من أداء دور السمكة المشويَّة ، و ببساطة نجح تهديدي لنفسي
، و فجأة أسمع صوت أختي من قاع بعيدة تقول : " أسماء قومي صلاة الظهر "
لم أصدِّق نفسي ، قمت سريعًا و قد عادت عيناي للصحوة بشكل لا يصدَّق مني أنا تحديدًا
صاحبة النوم الثقيل جدًا جدًا !!
كنتُ سأسألها بلهفة :
" من صدق قده صلاة الظهر ؟؟ يعني رقدت !! "
و لكنني أمسكت نفسي
في آخر لحظة ، فأختي لا تحتمل المزيد من عباراتي الغريبة التي أستقبلها عندما
توقظني هذه الأيام ، قبل أيام أصابني الأرق أيضًا و لكنني نمت في وقت أبكر من
اليوم ، و عندما أيقظتني قلتُ لها بعصبية غير واعية : " إييييش صلاة الظهر ؟
تتهابلي ! "
فردَّت باستغراب و
شيء من الهدوء خصوصًا و هي تعرف طبيعة نومي الثقيلة ، و حديثي الذي لا أعيه دومًا
و أنا نائمة : " ايوة مالك ؟ صلاة الظهر ! "
و عندما جلست معها
بعد أن صحوت شرحت لها أنني نمت قبل وقت قليل لذلك لم أصدِّق أنها صلاة الظهر
بهذه السرعة !
و على كلٍّ فإنني
اليوم بعد أن صلَّيت الظهر ، أرغمت نفسي على الإستلقاء على السرير مجددًا و إعطاء
النوم فرصة أخرى ، و بالطَّبع هذا ليس لأنني أحبُّ النوم ، بل لأنني لا أريد أن يتغيَّر
نظامي بسببه و لا أن أصلِّي التراويح على تثاؤب مستمر ، و بغرابة فإنني لست شجاعة
مع النوم كثيرًا ، أحاول الإلتزام بالموعد ، و لا أكسر النظام إلا بالأوقات
النادرة ، ربما عندما كان معي الآيفون كنت أكسر النظام كثيرًا بسبب وجود أِياء
كثيرة قابلة لتضييع الوقت عليها ، أما الآن فإنني سعيدة بهذا النظام ، و لو كنت لا
أحتاج النوم لما نمت أبدًا ، فالأحلام هذه الفترة ليست جميلة كثيرًا ، و حوادثي مع
النوم تصيبني بالقلق و إن كنتُ أضحك عندما يقصُّون عليَّ موقفًا قمت به و أنا
نائمة ، إنني لست حساسة كثيرًا من ناحية حوادثي إلا أنني أبقى قلقة من أن أقل
شيئًا ربما يكون سِرًّا أو حتى لا أحبُ ظهوره للجميع !
ملحوظة
صغيرة : إن كنتَ تعرف أحدًا يعاني من المشي أثناء النوم أو الحديث أو أي تصرُّفات
لا واعية ، فيمكنك الضحك و لكن لا تركِّز على موضوعه كثيرًا فالأمر مرهق بالنسبة
له ، و إياك إياك أن تستخدم اللعبة " النذلة " في الإنصات لما يقول أو
حتى تسجيله ، راعِ الخصوصية قليلًا أرجوك ...
و رغم أنني أستمتع
بالضحك على مواقفي المضحكة إلا أن لي حوادث أليمة مع هذه الحالة ، و طبعًا هذه
الحالة وراثيَّة فقد تزوَّجت أمي والدي ثم تفاجأت بحديثه و هو نائم ، و لم تجرؤ
على مصارحته بالأمر إلا بعد سنين طويلة ! ، و مرَّة حدث أن ذهب لبلادنا _ التي لم
أزرها مطلقًا _ لبيع إحدى الأراضي التي لأهل جدِّي ، و عندما وصل إلى هناك كان
الوقت ليلًا فنام عند معارف هناك ، و عندما استيقظ صباحًا ليعامل إجراءات البيع ،
وجد أنهم غاضبون و رفضوا اتمام البيع ، و عندما استفسر عن السبب قالوا أنهم لن
يستمرَّ الأمر مع شتمه لهم طوال الليل !! ، و بعد شرح مطوَّل أنه كان نائمًا و أنه
لا يمكن أن يؤاخذ بما قاله دون وعي ، قبلوا بإتمام البيع بصعوبة ، و من بعدها
تنازل أبي تمامًا عن الوكالة لأعمامي ...
أما عن إخوتي فليس
كلهم قد ورِث الحالة ، لديَّ أخي _ الثالث في الترتيب التنازلي _ كان مُغرَم
بالهنود و الهند ، و بشكل عام يحبُّ أن يتثقَّف في نواحي كثيرة ، و كان الأول من
أخواني الذي سافر للخارج فزار ماليزيا في سن صغيرة ربما كان وقتها في الثامنة عشر
و لوحده ، و بالطَّبع يعود هذا لشغفه بالثقافة ، المهمُّ أنه كان يتحدَّث
الهنديَّة و يحفظ الكثير من الكلمات اليابانية و الكوريَّة ، و عندما ينام أبو
أحمد فإنه يصيبك الدوار من حديثه اللامفهوم و اللغات المتعددة التي يخفقها كلها في
نومه ! ، و نومه ثقيل أيضًا رغم أنه لا يتحرَّك كثيرًا مثلي ، تحكي لي أختي موقفًا
عنه عندما كنتُ صغيرة : مرَّة عاد من العمل بهدوئه و صعد للغرفة و نام ، و يومها
كان لدينا بعض الضيوف في الطابق السفلي ، و فجأة يرون طيف أخي بالسلالم يمرُّ
بهدوء غير واعي لأي شيء و لا حتى لفوضى الضيوف ! ، كان موقفًا محرجًا جدًا ،
خصوصًا أن أختي صعدت لتوقظه ليعود للغرفة أو ينصرف لأي بقعة من الأرض ، ثم عادت
تعتذر للفتيات بأنه غير واعي و أنه نائم ! ؛ و بالطَّبع فإن أخي أُحرِج كثيرًا من الموقف
عندما علِم به ، و المصيبة أنه كان مرهَق جدًا يومها فلم يصحو بسرعة ، و عندما
استيقظ تمامًا لم يكن يتذكَّر شيئًا مما حدث ، و من بعدها أصبح يحاول النوم بعيدًا
عن المنزل ، بل إنه بعدها بشهور قليلة اغترب طويلًا 😂
أما أخوتي الباقين
فإنهم ليسوا بمثل حالنا أنا و أخي ، يتحدَّثون بشكل نادر و عندما يكونون مرهقين
فقط ، و لكنَّهم لا يتحرَّكون و هم نائمون مثلنا ، يعني ببساطة هم طبيعيُّون في
نومهم 😅
و أما عنِّي فأوَّل
حادث مخيف و متطوِّر حدث لي هو أنني في عمر التاسعة أو العاشرة ، قمت في منتصف
الليل و نزلت إلى الطابق السفلي بدون وعي ، و فتحت باب الشارع و كدت أخرج !
و بفضل الله كان أخي
الأوسط مستيقظًا ، و تفاجأ بباب الشارع الذي فُتِحَ في هذه الساعة المتأخرة ، فقام
ليتفقَّد الأمر و وجدني !
و لا أخبركم كم كان
الموقف مخيفًا لعائلتي ، و اتَّخذ والدي إجراءات صارمة في نومي ، فحدَّد وقتًا
مضبوطًا لنومي ، و منع نزولي للطابق السفلي قبل ساعتين من موعد النوم ، و ذلك بعد
أن أجرى بحوث طويلة عن حالتي !! ، و أما عن شعوري أنا فلم أكن أتذكَّر شيئًا عن ما
قمت به ، و بصعوبة بالغة أقنعت والدي أن لا يأخذني للطبيب للكشف عن مشكلتي ، و
بالمقابل فقد وعدته أن أنتظم بنومي و أن لا أُرهِق نفسي كثيرًا في النهار ، و
بالطَّبع كل هذا لكي لا أذهب للطبيب ، و بما أنني لم أذهب للطبيب فقد أصبحت
الرقابة عليَّ مكثَّفة و في نومي كان الجميع مستعدٌّ لأي تحرُّك منِّي ، و بالطبع
لم أكن أعرف وقتها بخطورة الأمر فلم أعره اهتمامًا بالغًا و قنطتُ كثيرًا من
القرارات الصارمة بشأن نومي و لكنني عندما كبُرت و فكَّرت بالأمر أدركت خطورته و
حمدت الله على نجاتي من ذلك الحادث ..
و كما قلتُ مسبقًا
لولا حاجتي البشرية للنوم لما نمت أبدًا ، فسبحان من ( لا تأخذه سِنةٌ و لا نوم
)
فسبحانه و هو الذي لا
يسهو و لا ينام ، و النوم موتةٌ صغرى ، و الله لا تأخذه حتى بداية النوم و هي
النعاس و لا النوم ، لأنه حيٌّ لا يموت ، كامل القيوميَّة على عباده ، و من
قيُّوميتُه أنه سميع في كل وقت قريب في كل وقت لا تأخذه الغفلة و لا النعاس و لا
النوم ...
أما نحن البشر فبحاجة
للنوم لتتقوَّى أجسادنا البشريَّة ، بل إننا نرى أنه من الكمال أن ننام ، و عندما
يصيبنا الأرق نرى حجم الضعف الذي يصيب أجسادنا ، و الوهن الذي يصيب عقولنا ، و ذلك
لأنه ليس كل كمال للمخلوق كمالًا للخالق كما تعلَّمنا في العقيدة الواسطية ،
فالأكل و الشرب عند المخلوقات نقص لأن سببهما الحاجة و هم عند الله كمال لأنه في
غنى عنهما ، أمَّا بالنسبة للنوم فهو للمخلوق كمال فإذا لم ينم يعَدُّ مريضًا ، و
هو نقص للمخلوق لأنه يحتاجه من أجل الإستراحة من التعب السابق و استعادة القوَّة
لعمل في المستقبل ، و أما الخالق فالنوم له نقص في قيُّوميَّته فنُفي عنه سبحانه و
تعالى ...
و
أهل الجنة لا ينامون كما صحَّت الآثار ، لأنهم كاملي الحياة .
فالله له الحياة
الكاملة الدائمة المتضمنة لكل صفات الكمال ، لم تُسبَق بعدم و لا يلحقها زوال و لا
يعتريها نقص بوجه من الوجوه ، و كل حياة في الوجود فإنما هي منه سبحانه ، و هو
قائم بنفسه و قيامه بنفسه يستلزم استغناءه عن كل شيء سبحانه ، فلا يحتاج إلى أكل
أو شرب أو نوم ، و غيره ممن في السماوات و من في الأرض لا يقوم بنفسه بل هو محتاج
إليه في إيجاده و إعداده و إمداده ، و لكماله عزَّ وجل فهو قائم بنفسه قائم على
غيره و إن كان قائمًا على غيره لزم أن يكون غيره قائمًا به فقال تعالى : ( و من
آياته أن تقوم السماء و الأرض بأمره ) فهو بذلك كامل الصفات و كامل الملك و
الأفعال ..
و الحيُّ القيوم ،
هما الإسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب سبحانه ، لأن فيهما الكمال الذاتي و
السلطاني له عزَّ و جل ، فالحيُّ فيه الكمال الذاتي ، و القيُّوم فيه الكمال
السلطاني ..
قال
صلى الله عليه و سلَّم : ( إن الله لا ينام ، و لا ينبغي له أن ينام )
فسبحان من لا يسهو و
لا ينام ، سبحانه جلَّ شانه الكامل العظيم ...
اليوم أقول لنفسي و لكل من أرهقته التدابير ، و أوهنته الأفكار :
( نام فبنومك كمالك ، و بعدم نومك نقصان ، نام و اترك الأمور للمدبِّر
، للذي لا يسهو و لا ينام ، للحيِّ القيُّومِ عليك ، فما أنت سوى فقير/ةً إليه
بحاجته على الدوام )
تدوينة الأمس لم يسعفني الإنترنت أمس لنشرها ، و أخيرًا الان يعود ..😐
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق