9‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

النوم ، و بعض مواقف مع حالة السير و الحديث أثناءه


14 رمضان 1441 هـ



آه الآن انتبهت ، اننا ننتصف رمضان !!

ما أسرع الأيام !

اليوم يومٌ عابر ، لا شيء مثير للإهتمام ، أو محفِّز لخلايا التأمل الضعيفة عندي ! ، سوى أنني أصبت بالأرق بالأمس ، فبعد ان صلَّيت الفجر بقيت أتقلَّب كسمكة مشوية على سريري ، طلعت الشمس و تسلَّلت بعض الإضاءة من النافذة و لا زال عقلي يعمل ! ، أوبِّخ نفسي : " بايتخربش نظامك أحسنلك ارقدي " و لكن لا جدوى ، اغمض عيناي بقوَّة و أردد بداخلي : " هدوء و ظلام نامي نامي "  و لكنني فجأة أجد نفسي أغوص بين الأفكار و الخطط و المشاريع دون توقُّف ، و عندما يأست حقًّا أتيت بمصحفي و فتحت إضاءة الهاتف الصغير فرغم أن الشمس طلعت إلا أن الإضاءة ليست كافية ، و بدأت أقرأ وِردي اليومي و ما إن أتثاءب حتى أضع المصحف في المكتب خلفي بسرعة و أغلقت الهاتف ، و عدت لوضعية النوم !

لا فائدة ، لم أنم حتى مع سرعتي بوضع المصحف ، و عندما وجدت أنني عدت للتفكير دون هوادة أخذت المصحف و عدت للقراءة حتى انتهيت من وِردي كاملًا _ و الذي كان عبارة عن ثلاثة أجزاء _ ، بعد أن انتهيت من القراءة و أدركت أن حضرة النوم لم يجيء بعد ، و تذكَّرت أن معي موعد تسميع في برنامج " ألف لام ميم  " على واتس أب ، بدأت بحفظ المقطع الذي سأسمِّعه ، و ما إن حفظته تمامًا ، قررت أن أحاول مرَّة أخيرة و هدَّدت نفسي بأنني إن لم أنم سوف أقوم لفعل أي شيء مهم ، فقد سئمت من أداء دور السمكة المشويَّة ، و ببساطة نجح تهديدي لنفسي ، و فجأة أسمع صوت أختي من قاع بعيدة تقول : " أسماء قومي صلاة الظهر " لم أصدِّق نفسي ، قمت سريعًا و قد عادت عيناي للصحوة بشكل لا يصدَّق مني أنا تحديدًا صاحبة النوم الثقيل جدًا جدًا !!

كنتُ سأسألها بلهفة : " من صدق قده صلاة الظهر ؟؟ يعني رقدت !! "

و لكنني أمسكت نفسي في آخر لحظة ، فأختي لا تحتمل المزيد من عباراتي الغريبة التي أستقبلها عندما توقظني هذه الأيام ، قبل أيام أصابني الأرق أيضًا و لكنني نمت في وقت أبكر من اليوم ، و عندما أيقظتني قلتُ لها بعصبية غير واعية : " إييييش صلاة الظهر ؟ تتهابلي ! "

فردَّت باستغراب و شيء من الهدوء خصوصًا و هي تعرف طبيعة نومي الثقيلة ، و حديثي الذي لا أعيه دومًا و أنا نائمة : " ايوة مالك ؟ صلاة الظهر ! "

و عندما جلست معها بعد أن صحوت شرحت لها أنني نمت قبل وقت قليل لذلك لم أصدِّق أنها صلاة الظهر بهذه السرعة !

و على كلٍّ فإنني اليوم بعد أن صلَّيت الظهر ، أرغمت نفسي على الإستلقاء على السرير مجددًا و إعطاء النوم فرصة أخرى ، و بالطَّبع هذا ليس لأنني أحبُّ النوم ، بل لأنني لا أريد أن يتغيَّر نظامي بسببه و لا أن أصلِّي التراويح على تثاؤب مستمر ، و بغرابة فإنني لست شجاعة مع النوم كثيرًا ، أحاول الإلتزام بالموعد ، و لا أكسر النظام إلا بالأوقات النادرة ، ربما عندما كان معي الآيفون كنت أكسر النظام كثيرًا بسبب وجود أِياء كثيرة قابلة لتضييع الوقت عليها ، أما الآن فإنني سعيدة بهذا النظام ، و لو كنت لا أحتاج النوم لما نمت أبدًا ، فالأحلام هذه الفترة ليست جميلة كثيرًا ، و حوادثي مع النوم تصيبني بالقلق و إن كنتُ أضحك عندما يقصُّون عليَّ موقفًا قمت به و أنا نائمة ، إنني لست حساسة كثيرًا من ناحية حوادثي إلا أنني أبقى قلقة من أن أقل شيئًا ربما يكون سِرًّا أو حتى لا أحبُ ظهوره للجميع !



ملحوظة صغيرة : إن كنتَ تعرف أحدًا يعاني من المشي أثناء النوم أو الحديث أو أي تصرُّفات لا واعية ، فيمكنك الضحك و لكن لا تركِّز على موضوعه كثيرًا فالأمر مرهق بالنسبة له ، و إياك إياك أن تستخدم اللعبة " النذلة " في الإنصات لما يقول أو حتى تسجيله ، راعِ الخصوصية قليلًا أرجوك ...



و رغم أنني أستمتع بالضحك على مواقفي المضحكة إلا أن لي حوادث أليمة مع هذه الحالة ، و طبعًا هذه الحالة وراثيَّة فقد تزوَّجت أمي والدي ثم تفاجأت بحديثه و هو نائم ، و لم تجرؤ على مصارحته بالأمر إلا بعد سنين طويلة ! ، و مرَّة حدث أن ذهب لبلادنا _ التي لم أزرها مطلقًا _ لبيع إحدى الأراضي التي لأهل جدِّي ، و عندما وصل إلى هناك كان الوقت ليلًا فنام عند معارف هناك ، و عندما استيقظ صباحًا ليعامل إجراءات البيع ، وجد أنهم غاضبون و رفضوا اتمام البيع ، و عندما استفسر عن السبب قالوا أنهم لن يستمرَّ الأمر مع شتمه لهم طوال الليل !! ، و بعد شرح مطوَّل أنه كان نائمًا و أنه لا يمكن أن يؤاخذ بما قاله دون وعي ، قبلوا بإتمام البيع بصعوبة ، و من بعدها تنازل أبي تمامًا عن الوكالة لأعمامي ...

أما عن إخوتي فليس كلهم قد ورِث الحالة ، لديَّ أخي _ الثالث في الترتيب التنازلي _ كان مُغرَم بالهنود و الهند ، و بشكل عام يحبُّ أن يتثقَّف في نواحي كثيرة ، و كان الأول من أخواني الذي سافر للخارج فزار ماليزيا في سن صغيرة ربما كان وقتها في الثامنة عشر و لوحده ، و بالطَّبع يعود هذا لشغفه بالثقافة ، المهمُّ أنه كان يتحدَّث الهنديَّة و يحفظ الكثير من الكلمات اليابانية و الكوريَّة ، و عندما ينام أبو أحمد فإنه يصيبك الدوار من حديثه اللامفهوم و اللغات المتعددة التي يخفقها كلها في نومه ! ، و نومه ثقيل أيضًا رغم أنه لا يتحرَّك كثيرًا مثلي ، تحكي لي أختي موقفًا عنه عندما كنتُ صغيرة : مرَّة عاد من العمل بهدوئه و صعد للغرفة و نام ، و يومها كان لدينا بعض الضيوف في الطابق السفلي ، و فجأة يرون طيف أخي بالسلالم يمرُّ بهدوء غير واعي لأي شيء و لا حتى لفوضى الضيوف ! ، كان موقفًا محرجًا جدًا ، خصوصًا أن أختي صعدت لتوقظه ليعود للغرفة أو ينصرف لأي بقعة من الأرض ، ثم عادت تعتذر للفتيات بأنه غير واعي و أنه نائم ! ؛ و بالطَّبع فإن أخي أُحرِج كثيرًا من الموقف عندما علِم به ، و المصيبة أنه كان مرهَق جدًا يومها فلم يصحو بسرعة ، و عندما استيقظ تمامًا لم يكن يتذكَّر شيئًا مما حدث ، و من بعدها أصبح يحاول النوم بعيدًا عن المنزل ، بل إنه بعدها بشهور قليلة اغترب طويلًا 😂

أما أخوتي الباقين فإنهم ليسوا بمثل حالنا أنا و أخي ، يتحدَّثون بشكل نادر و عندما يكونون مرهقين فقط ، و لكنَّهم لا يتحرَّكون و هم نائمون مثلنا ، يعني ببساطة هم طبيعيُّون في نومهم 😅



و أما عنِّي فأوَّل حادث مخيف و متطوِّر حدث لي هو أنني في عمر التاسعة أو العاشرة ، قمت في منتصف الليل و نزلت إلى الطابق السفلي بدون وعي ، و فتحت باب الشارع و كدت أخرج !

و بفضل الله كان أخي الأوسط مستيقظًا ، و تفاجأ بباب الشارع الذي فُتِحَ في هذه الساعة المتأخرة ، فقام ليتفقَّد الأمر و وجدني !

و لا أخبركم كم كان الموقف مخيفًا لعائلتي ، و اتَّخذ والدي إجراءات صارمة في نومي ، فحدَّد وقتًا مضبوطًا لنومي ، و منع نزولي للطابق السفلي قبل ساعتين من موعد النوم ، و ذلك بعد أن أجرى بحوث طويلة عن حالتي !! ، و أما عن شعوري أنا فلم أكن أتذكَّر شيئًا عن ما قمت به ، و بصعوبة بالغة أقنعت والدي أن لا يأخذني للطبيب للكشف عن مشكلتي ، و بالمقابل فقد وعدته أن أنتظم بنومي و أن لا أُرهِق نفسي كثيرًا في النهار ، و بالطَّبع كل هذا لكي لا أذهب للطبيب ، و بما أنني لم أذهب للطبيب فقد أصبحت الرقابة عليَّ مكثَّفة و في نومي كان الجميع مستعدٌّ لأي تحرُّك منِّي ، و بالطبع لم أكن أعرف وقتها بخطورة الأمر فلم أعره اهتمامًا بالغًا و قنطتُ كثيرًا من القرارات الصارمة بشأن نومي و لكنني عندما كبُرت و فكَّرت بالأمر أدركت خطورته و حمدت الله على نجاتي من ذلك الحادث ..



و كما قلتُ مسبقًا لولا حاجتي البشرية للنوم لما نمت أبدًا ، فسبحان من ( لا تأخذه سِنةٌ و لا نوم )



فسبحانه و هو الذي لا يسهو و لا ينام ، و النوم موتةٌ صغرى ، و الله لا تأخذه حتى بداية النوم و هي النعاس و لا النوم ، لأنه حيٌّ لا يموت ، كامل القيوميَّة على عباده ، و من قيُّوميتُه أنه سميع في كل وقت قريب في كل وقت لا تأخذه الغفلة و لا النعاس و لا النوم ...

أما نحن البشر فبحاجة للنوم لتتقوَّى أجسادنا البشريَّة ، بل إننا نرى أنه من الكمال أن ننام ، و عندما يصيبنا الأرق نرى حجم الضعف الذي يصيب أجسادنا ، و الوهن الذي يصيب عقولنا ، و ذلك لأنه ليس كل كمال للمخلوق كمالًا للخالق كما تعلَّمنا في العقيدة الواسطية ، فالأكل و الشرب عند المخلوقات نقص لأن سببهما الحاجة و هم عند الله كمال لأنه في غنى عنهما ، أمَّا بالنسبة للنوم فهو للمخلوق كمال فإذا لم ينم يعَدُّ مريضًا ، و هو نقص للمخلوق لأنه يحتاجه من أجل الإستراحة من التعب السابق و استعادة القوَّة لعمل في المستقبل ، و أما الخالق فالنوم له نقص في قيُّوميَّته فنُفي عنه سبحانه و تعالى ...

و أهل الجنة لا ينامون كما صحَّت الآثار ، لأنهم كاملي الحياة .

فالله له الحياة الكاملة الدائمة المتضمنة لكل صفات الكمال ، لم تُسبَق بعدم و لا يلحقها زوال و لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه ، و كل حياة في الوجود فإنما هي منه سبحانه ، و هو قائم بنفسه و قيامه بنفسه يستلزم استغناءه عن كل شيء سبحانه ، فلا يحتاج إلى أكل أو شرب أو نوم ، و غيره ممن في السماوات و من في الأرض لا يقوم بنفسه بل هو محتاج إليه في إيجاده و إعداده و إمداده ، و لكماله عزَّ وجل فهو قائم بنفسه قائم على غيره و إن كان قائمًا على غيره لزم أن يكون غيره قائمًا به فقال تعالى : ( و من آياته أن تقوم السماء و الأرض بأمره ) فهو بذلك كامل الصفات و كامل الملك و الأفعال ..

و الحيُّ القيوم ، هما الإسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب سبحانه ، لأن فيهما الكمال الذاتي و السلطاني له عزَّ و جل ، فالحيُّ فيه الكمال الذاتي ، و القيُّوم فيه الكمال السلطاني ..

قال صلى الله عليه و سلَّم : ( إن الله لا ينام ، و لا ينبغي له أن ينام )

فسبحان من لا يسهو و لا ينام ، سبحانه جلَّ شانه الكامل العظيم ...




اليوم أقول لنفسي و لكل من أرهقته التدابير ، و أوهنته الأفكار :

( نام فبنومك كمالك ، و بعدم نومك نقصان ، نام و اترك الأمور للمدبِّر ، للذي لا يسهو و لا ينام ، للحيِّ القيُّومِ عليك ، فما أنت سوى فقير/ةً إليه بحاجته على الدوام )




 تدوينة الأمس لم يسعفني الإنترنت أمس لنشرها ، و أخيرًا الان يعود ..😐

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv