7‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

الوعي ، و سُكَّان عدن


13 رمضان 1441 هـ



يبدأ الحظر المنزلي ، و تهدأ بعض الشيء ثورة الشارع ، و لكنها لا تصمت للأبد كما يحدث في الدول الأكثر نظامًا منا ! 

في تويتر مواطن سعودي عاقل و يتابع بنشاط أوضاع الجنوب السياسية ، أبو وليد الغامدي رجل وطنيٌّ و معجب بصمود الشعب الجنوبي و نضاله ، يضع اليوم تغريدة يتحدَّث فيها عن رسالة وصلته من عدن بأن لا أحد ملتزم بالحظر ، فيتساءل عن الأوضاع و يعاتب الشعب الجنوبي ، مستغربًا من عدم انتظامه و تجاوبه مع القرار ...

الردود كانت مسرحًا لنفث الحاقدين الشماليين سخريتهم و شماتتهم _ كالعادة _ ، و هناك بعض الردود القليلة الناضجة و المتحدثة بعين الواقع ، حسنًا .. بكل صراحة يجب أن نعترف بأن كثير من هذا الشعب يحتاج للتوعية ، و من وجهة نظري يحتاج أيضًا لحزم في تنفيذ القرار ، فيُعاقب من يكسر القرار بأي عقوبة ، إن عدن في هذه الفترة لا يسكنها أهلها فقط ، إنها تحتضن النازحين من تعز و كثير من أهل صنعاء الذين لم يتحمَّلوا استبداد الحوثي هناك ، و كثير من المغتربين الذين كانوا في المملكة العربية السعودية عادوا إلى عدن بما أنهم لا يستطيعون دفع الرسوم ، و من أغرب السكان هم أولئك الشماليون الذين نجدهم هنا هذه الفترة و هم في أشدِّ حنقهم من عدن و أهل عدن و أجواء عدن ، و لا أعرف ما الشيء الحقيقي الذي يبقيهم فيها ما داموا يكرهونها إلى هذا الحد ، و على ما يبدو أن هناك لعبة سياسية أخرى ترغمهم على البقاء هنا ، و زعزعة الناس و نشر الرعب و الهلع و الشبهات حتى ، و بسبب الفيضان السكاني هذا يبدأ الناس بالبحث عن مساكن بكل ما أوتوا ، بناء العشوائي انتشر بشكل فضيع و بسبب فساد الشرعية التي كانت طوال ستُّ سنوات تعشعش عندنا و تسرق دون حسيب و لا رقيب ، و لا تفرض أي نظام ، فإن لا شيء أوقف الفساد و ظهرت أشياء عجيبة و فئات غريبة ، منها الدواعش و الإخونج و انتشرت ظواهر غريبة بين الشباب ، و مع كامل الإحترام كادت تتحول عدن إلى صنعاء أخرى !
و بفضل الله ثم بفضل قوات مكافحة الإرهاب ، فإن الوضع تحسَّن قليلًا و أصبح من الصعب أن يتبجَّح شابٌّ غرٌّ بأناشيد الجهاد ، أو يتفاخر بالحبوب و يتحدَّث عنها علانية ، و شبه اختفت ظواهر المفخخات و التفجيرات ، و لكنَّ مشكلة البناء العشوائي و مشكلة جهل الناس و عدم وعيهم لم تنتهي ، لأن أعضاء الشرعية أنفسهم يحتاجون للتوعية الحقَّة ، و قد ظنُّو أنهم بسيارة متجوِّلة كلُّ فترة تتحدث عن شلل الأطفال أنها كافية لنشر الوعي ! ؛ و على كلٍّ ليس الموضوع ما حدث سابقًا ، المهم ماذا يحدث الآن ، و هو أن شعبنا يحتاج توعية و حزم ، إننا مررنا بظروف كثيرة ، و أحداث جعلتنا نفضِّل الموت على عدم استغلال الأيام المتاحة ، إننا شعب مرتبك من فوضى ما حدث معه و من شبهات المدسوسين لينخروا الأفكار بخباثتهم ، و المدسوسين كثير ، فتجدهم في وسائل المواصلات يتحدَّثون بكل قوَّة عين عن وطن لنا و ليس لهم ، يتشفُّون بنا بكل وقاحة ، يدسُّون في رؤوس البريئين أفكارًا خبيثة ، تجدهم في وسائل التواصل الاجتماعي يتحدثون بكل جهل عنَّا ، يسبُّون أجواء وطننا و كأنه لا يأويهم ، في الشارع تجدهم يسبُّون بكل بجاحة لكل بوادر النظام ، يتأففون من القوات الآيبة و الذاهبة و من النقاط الأمنية ، يندَّسون بين الجموع و يقولون بكل خباثة : جالسين يلعبوا عليكم ، كلهم سرق ، و بوجوه بريئة يؤلِّفون الأكاذيب ، تمامًا كما حدث في فترة قضية رأفت الدنبع ، و التي أكَّدت لي وجود هذه الفئة من المدسوسين ، حيث ركبت يومها باص مواصلات و فوجئت بسائق " دحباشي " يقول بضحكة شامتة و خباثة بلهجته الكريهة مع كامل الأسف ، و هو يمرُّ بالطرق الخلفية _ عندما أغلقوا الشارع الرئيسي _ : قلنالكم مبتقعوش بخير هه ! ، وقتها تأكدت كم تنخر هذه النفوس المدسوسة عقول الجهلة من عامة الشعب ، و كم يفسدون و لا يصلحون ، و كم هم حتى لا يستحقون الشفقة منا على بلادهم ، و تأكدت أن طريقنا لتصفية الشعب منهم طريق طويل و يحتاج منا توعية طويلة لكل من استحوذت الشبهات الكاذبة على عقله ...

أبو وليد .. ليس كلُّ من يعيش في عدن _ هذه الفترة _ هو من شعب الجنوب الذي يدفع روحه لبناء وطن متكامل ، لدينا الكثير من المدسوسين ، من المخرِّبين ، من الحاقدين ، و علينا تصفيتهم بالحزم ، و تصفية عقول الجنوبيين الذين سقطوا في براثنهم الخبيثة بكل طيب نية بالتوعية و نشر الحقائق ، لأنَّنا في مرحلة انتقالية _ بإذن الله _ من الإحتلال إلى الإستقلال ، و لأنَّنا نريد وطنًا متكاملًا يجب أن يكون أساسه حقيقي و ليس وهمي و لا أن يُبنى على الأنقاض ، و أعتقد أن المجلس الإنتقالي الجنوبي له نظرة محددة في الأمر خصوصًا مع الوضوح الذي يتحركون به ، فأعانهم الله و وفَّقهم لما فيه خير و صلاح ... 
 و على أيَّة حال فكلُّ المخترقين للقرار هم بقايا الإخونج و بعض الحاقدين على قيام دولتنا ، و ربَّما بعض الذين سقطوا في براثن شبهات الحاقدين ، و بعض الجهلة الذين يحتاجون الوعي هنا ، أما الجنوبيون الحقيقيون فهم بغضِّ النظر عن أي شيء هم يبحثون عن وطن ، و مصرُّون على قيامه ، و سيسهم كل منهم بسهمه في بناء هذا الوطن ، كلٌّ على حسب أمانته و وفائه ..

الوعي أمر هام جدًا ، لتكون الشعوب منظَّمة و الأوطان ثابتة ...
إن شرح الأمور و نشر الحقائق من الأمور التي يحتاجها الناس ليثبتوا على الحق ، و هذا أمر غير جديد ، بل هو أمر معروف منذ قديم الزمان ، و أقرب مثال هو الله سبحانه و تعالى عندما جعل أنبياءه يوصِّلون رسالته كاملة فوضَّح الأشياء و فصَّل الأحكام ، و لم يجعل أي شيء يواجهه المسلم وهمي و غامض ، بل إنه وصل في شره للأمور و تفصيل الحوادث التي قد يقع فيها المسلم أنَّه فرَّق بين الطعام الباقي في الفم و حكمه ، فيخبرنا على لسان رسوله أن ما يجول بالفم مباح بلعُه أما ما علق بالإسنان فالأفضل لفظه !

و هذا بالطبع من كمال دين الله و قد سبق و قال سبحانه : ( اليوم أكملت لكم دينكم )

الشريعة أحاطت بكل الأمور التي قد يواجهها المسلم ، و أعطت قواعد ثابتة مهما تغيَّرت الأزمان و ظهرت الظواهر ، يسيُّرها الإنسان على ظواهر الزمان المعاصر فيخرج له حكمه بكل بساطة ، و لهذا فإن الدين كامل و قد شرح كل شيء و لم يترك ثغرات أبدًا ، و بالطَّبع نستثني من في قلوبهم مرض فيبحثون عن الشبهات بكل دِقَّة فيغرقون في وحل التشكيك و الكفر ربَّما و العياذ بالله ...

إن الدين ثابت ، أصوله معروفة ، قواعده لا تتغير ، أحكامه لا تتنافى فيما بينها ، و لو كان الدين ناقصًا لما اتَّخذته كل هذه الأمة دينًا .. 

الرسول عاش ثلاثة عشر سنة يوصل لنا هذا الدين ، حتى وصل كاملًا و شافيًا للقلوب ، فتحدَّث عن كل المسائل ، و أعطانا الثوابت التي لن تتغير مهما تغيَّر الزمن ، ثم قال : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها و عضُّوا عليها بالنواجذ ) و النواجذ هي : الأضراس و فيه كناية عن ضرورة التمسُّك بها بكل قوة .
و يعني بقوله هذا : أن تمسَّكوا بما أعطيتكم فهو نجاتكم .. 

إن الرسول كان يوعِّي أهل الجاهلية ، و الذين وصل جهلهم لصنع صنمًا من التمر يعبدونه ، ثم عندما يجوعون يأكلونه ، الحمد لله على نعمة الإسلام !
صَبَرَ على جهلهم ، على أسئلتهم الكثيرة ، على نقاشاتهم ، أجاب على كل شبهاتهم فدحضها ، وقف على كل أخطائهم فصحَّحها بوجهه البشوش ، و بحِلمه لم يغضب فيدعو عليهم ، بل دعاهم إلى الله و وجَّههم للصواب ، و وضَّح لهم الخطأ ، حتى صاروا على صراط الله المستقيم ، فجاء دورنا عندما وصلنا هذا الدِّين كاملًا على طبقٍ من ذهب ، على فطرتنا نستقبله ، ثبَّتنا الله عليه ..

و أخيرًا أختم كلامي بقوله صلى الله عليه و سلم : ( تركتكم على المحجة البيضاء ليها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )



رسالتي اليوم أوجِّهها إلى كل جنوبي أصيل ، راغب في بناء وطن ثابت :
( ساهم في توعية من حولك ، أرشدهم إلى احترام القرارات ، و الأهم أن تبدأ بنفسك ، و ادحض شبه الحاقدين ، بلِّغ عنهم إن لزم الأمر ، نحن في صدد بناء وطن لا يقبل الشبهات ، فابدأ بتنظيف السوس منه واحد واحد إن لزم الأمر ؛ أخيرًا تحيَّة صادقة لكل من نفَّذ القرار و احترمه ، و كلُّ جنوبي صادق الكلمة ، مدافع عن الوطن )

و إلى كلِّ من سقط في براثن شُبَهِ الحاقدين أقول :
( لا تقعوا فريسة حقد أعدائكم ، تحلُّوا بالثبات ، و ثِقوا بالله ثم بقادتنا ، فالله معنا و قادتنا صادقون )

و إلى كلِّ الجاهلين :
( توعُّوا ، تعلَّموا ، إقرأوا ، الجهل عار و ظلام ، و العلم فخر و سلام )


هنا صورة لحارتنا و هي مطلَّة على الشارع الرئيسي في المعلا ، الصورة في الساعة الثانية عشرة صباحًا و بدء الحظر الجزئي ، يبدو المكان فارغًا بعض الشيء و إن كانت بعض السيارات تمرُّ بين الحين و الاخر و لكن بشكل عام هناك بعض الإلتزام 👇



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv