13‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

التوكُّل و الأخذ بالأسباب نجاة أكيدة بإذنه سبحانه .


19 رمضان 1441 هـ

اكتب التدوينة و في حجري ابن اخي أحمد ، بجانبه اخته تتسمَّع معه لبرنامج أناشيد تعليمية للحروف ، يناظرنا بعدم صبر ، ينوي الانقضاض على الجهاز ، و لكنني أنجح في إعادته لحجري كل مرة حتى الان ، و أخته تنافسه في لفت انتباهي إليها فتارة تحكي حكاية يكون تعليقي عليها دائمًا : " هاه ، أيوه أيوه ، أووه " ، و تارة تداعبه و تارة تغنِّي أغان للتوِّ ألَّفتها ...😇


لا أعرف كيف سأتمُّ التدوينة و لكن على أية حال لا بدَّ أن منقذٌ ما سيأتي قريبًا ، و يأخذ أحدهما فأستطيع التركيز أكثر ..

إنها الليلة الأولى لصلاة القيام ، المساجد صامتة حتى المسجد القريب صَمَت ، و الجو غريب حقًّا و لكنني أواسي نفسي بأن الأزمة لابدَّ تمرُّ ، و لا بدَّ البلاء يرفع يومًا ما ...
وصلنا خبر موت اثنان من الجيران ، أحدهما يعاني من مرض بالقلب ، و آخر لا أدري بأي شيء مات ، الناس متوتِّرون ، صديقة أختي دخلت أردُّ على شيء أشارت لي به ، ففوجئت بها في قمَّة البؤس ، فهي سريعة البكاء ، تخاف من كل الأمراض ، و حسَّاسة بشكل مبالغ به كما أرى ، تقول لي أن اثنين في حارتها أيضًا توفيا ، و أنها قد بكت حتى آلمتها معدتها ، و المؤسف أنني أخبرتها عن الإثنان اللذان في حارتنا بتلقائيتي التي نسيت أن أركِّز أن هذا سيزيد من رعبها ، فأدركت أنني قد زدت الطين بلَّهُ ، و قمت بفتح مواضيع مضحكة لعلِّي أُضحِكها و أنسيها رعبها بعد أن تسببت بزيادته !
و عدت لنصائحي لها بعد أن ابتسمت أخيرًا ، و من الجيِّد أن الإنترنت انقطع بعد أن انتهيت من فلسفتي لها ، و إلا كان شعور الذنب سيرافقني طويلًا ، هي تكره طاري الموت ، تخاف منه بشكل أودُّ لو كنتُ أملكه !
و لكنني لا أخافه هو ، بل أخاف طريقته ..
فكلُّنا زائلون فانون ، و الله هو الحيُّ الذي لا يموت ، و المخيف بالموت هو ما بعده ، و طريقته فنسأل الله لنا حسن الخاتمة و الفوز بالآخرة ...

و قلتُ لها : توكَّلي على الله ...
كم حَفَظَنا من نوازل ، و كم كفانا من مصائب ، و كم جَبَرَنا من مآسي ..
صدِّقني من توكَّل على الله كفاه : ( و كفى بالله وكيلًا )
و التوكُّل من أعمال القلوب ، ففيه تكون خالص العبودية ، و تمام الإعتماد على الله و الثقة به ، و الإلتجاء إليه و الرضا بما يقضيه ، لعلمه بكفايته سبحانه و حسن اختياره لعبده اذا فوَّض إليه أموره مع قيامه بالأسباب المأمور بها و اجتهاده في تحصيلها .

خذ وقايتك التي تستطيعُها ، و التزم بالحظر المنزلي ، و أنت متوكِّل على الله و هو كافيك سبحانه بلا شك ؛ أما أن تبقى خائفًا و في قمَّة رعبك من مرض أو حدث فإن هذا يؤذي توكُّلِك عليه ، و الأصل أن تتَّخذ الوقاية و السبب و تترك الأمور لخالقها ..
قلقك لن يقدِّم شيئًا و يؤخِّر ، خوفك لن يبعد الفيروس عنك بل سيضعف مناعتك و سيثقب توكُّلك ، أنت حتى لست مساهمًا في صنع علاج لتبدي كل هذا الرعب لأنك لم تجد ثغرة للفيروس !

يقول الله : ( فزادهم إيمنًا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل )
فالنوازل تزيد إيمان المؤمن ، و تكشف ضعفه ، لذا حافظ على إيمانك ..
نعم الوكيل هو لمن التجأ إليه ، و نعم الحافظ هو لمن اعتصم به ، فيدفع عنه الضرُّ و يجلب له النعماء و الرخاء .
و التوكُّل من أهم العبادات القلبية في الدين ، فهو في منزلة الرأس من الجسد ، لأن في اعتماد القلب على الله و ثقته التامة به ، لأن القلب إذا اعتمد على الله في الأمور الدينية و الدنيوية ثقة به سبحانه بأنه الكفيل الوكيل لا شريك له و لا مثيل عزَّ و جلَّ صحَّ إخلاص المؤمن و قويت معاملته مع الله و حسن اسلامه و زاد يقينه و صلحت أحواله كلها .

قال الله : ( فاعبده و توكَّل عليه )
 موسى عندما كان فرعون و جنوده خلفه و واجه طريقهما الجبل ، و يأس الذين امنوا معه و قالوا : ( إنا لمُدرَكون ) أي أن فرعون لا شكَّ سيدركنا و سيفعل ما توعَّده بنا ..
قال موسى : ( كلا إن معي ربي سيهدين )
و هنا وضحت مرتبة إيمان موسى و مرتبة إيمان السحرة الذين كان إيمانهم حديث و ضعيف لم ينهل من عبادات القلب التي تجعل المرء في قمَّة ثقته بالله ، و ان الله لابد كافي العبد و منجيه ..
سبحان الله ، كيف جعل الله لهم طريقًا يبسًا بين الجبلين ، و ما إن اجتازوه حتى أغرق الله فرعون و جنوده الكفرة ، فتبيَّن صدق إيمان موسى بالله ، و الله سبحانه وكيل كفيل لمن اعتمد عليه و اتَّبع أمره ، و تسبَّب ..
فالتوكل يقتضي الإعتماد و الأخذ بالأسباب ، و أما أن لا يتخذ المؤمن الأسباب فهذا يؤذي توكُّله ، و يقلب أمره من متوكِّل إلى متواكل ، و هذا لا يقبله العقل و لا الدين ...

و هذا حديث يقشعرُّ له البدن فاقرأه و تأمل به جيدًا ، يقول عليه الصلاة و السلام : ( إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، و لا حول و لا قوة إلا بالله . قال : يقال حينئذٍ : هُديت و كُفيت و وُقيت ، فيتنحَّى عنه الشيطان ، فيقول شيطان آخر : كيف لك برجلٍ قد هُدي و كُفي و وُقي ؟! )






إلى كل ضعيف ، إلى كل من يشعر بالخوف و القلق بشكل دائم مبالغ به :
( و توكَّل على الله يضرب لك بين جبال الهمِّ مخرج ، و الله هو وكيلك الأحقُّ فثق به يكفيك ؛ و دع عنك القلق و الخوف فهو لن يفيدك في شيء ، بل سيضرُّك و سيضرُّ توحيدك ، فاحـذر )






و بما أننا قد دخلنا في العشر الأواخر ، و وجب علينا مضاعفة الجهد و العبادة كي ندرك ليلة القدر ، فإن التدوينات ستكون حسب استطاعتي ، أي أنها صغيرة أو غير منقَّحة جيِّدًا ؛ و وفَّقنا الله لإدراك ليلة القدر ، و كفانا و وقانا و هدانا إليه سبحانه ~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv