12‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

الدِّين الحقُّ ، و نقاش بدأ بكتاب قواعد العشق الأربعون الباطلة .



18 رمضان 1441 هـ



يومٌ حافل ، يزورنا أخي و أُسرته الصغيرة أخيرًا ، طفلته محبوبة العائلة ذات الأعوام الأربعة ، بذكائها و شخصيتها القريبة من الجميع ، و طفله الجميل ذو العام الواحد أحمد مشاغب و بشغبه الذي يلفتنا جميعًا فيجعل أخته تغار و تقوم بأي شيء للفت النظر إليها ، كعادة الأطفال جميعًا و كلُّنا نعمل على أن لا نجعلها تتأزم من هذه الغيرة ، فنتغاضى عن الأمر و نُشرِكها بالذكر فتعود لهدوئها و تنسى الأمر كعادتها ، و أما عن أختهم الكبرى و التي في السادسة من عمرها فرغم بعدها عن أخويها إلا أن نور تتذكَّرها دائمًا ، و تصرُّ على تتبع أخبارها و تشتاق لها و هي التي لا تعرفها ، تشاهد فيديوهاتها و هي تطبخ و هي تتحدث و هي تفعل أي شيء عادي ، تشاهد الفيديو عشرات المرات ، ثم تقول عندما أسألها بتصنُّع : " من هذي البنت ؟ " تقول بابتسامة فخر و بشرح مفصَّل : " هذي روان اختي هلِّه بالسعودية ، معرفتيهاش ؟! " ...



عند العصر دخلت على انستغرام و هذا قبل أن يصل أخي و أسرته ، رفع حساب بوك تايم صورة معبِّرة للموقف الذي يتكرر مع كل كتب أملكه و هو السهر حتى الصباح لكي أنهيه ، علَّقت تعليقًا عابرًا ، و لكن لفتني تعليق تقول صاحبته : كتاب " قواعد العشق الأربعون " هو الذي قرأته في ليلة واحدة رغم طوله ، و هو من أجمل التي قرأتها في حياتي ... !!!


حسنًا ، لم أكن يومًا أدخل التعليقات ، و لم أكن معلِّقة جيدة ،  لكني منذ أيام قررت أن أفعل لأنني اكتشفت كم يكون الأمر محفِّزًا لصاحب الصورة أو المنشور ، و عند هذا التعليق قرَّرت أن أدلي برأيي ، فقلت لها ان سمعة الكتاب كبيرة و لكنه في الحقيقة عبارة عن اسهاب في شرح العقيدة الصوفية الباطلة و فيه الكثير من الشُبَه التي لا يعقلها إلا من كان عنده خبرة بسيطة ، و أن الكتاب يستهدف العامة من الناس ليغرس في نفوسهم شبهات خبيثة و باطلة ، و أكَّدت لها أنني قرأت الكتاب أكثر من ثلاث مرات و لم أجد أي نواحٍ جيِّدة فيه ليلتفت لها القارئ ، فحتى الرومانسية فيه مبتذلة ، و هذا دليل قاطع على أن إيليف شافاك كتبت الكتاب لنقل عقيدتها الصوفيَّة لا غير ، و ليقرأه عدد أكبر من الناس صاغت الأمر على أنه قصَّة لشمس الدين ، فلو أنها كتبت الكتاب بطريقة السرد لقواعد العشق الباطل التي يتخِّذونها لما التفت أحد للكتاب ، و لكنها جذبت الناس بقصَّة معاصرة تسرد بداخلها قصَّة ركَّزت عليها أكثر و هي قصَّة شمس الدين ..

ردَّت ردًّا غير مقنِع فقالت : أن لكل قارئ ذوقه و أنها لا زالت مصرَّة على أنه أجمل كتاب !
بصراحة إلى هنا بدأ استفزازي لها ، أخبرتها بأن عقيدتي أهم من قراءة قصَّة تؤذيه و تثقبه بثقوب الشبهات ، و ردَّت ردًّا نتيجة إستفزازي لها قالت به " عن أي عقيدة تتحدَّثين ؟ أنا لدي عقيدتي ... " 
 
حسنًا ، عند هذه النقطة شعرت بخطورة الأمر في المناقشة بأمر كبير كهذا ، و لكنني شعرت بشعور لذيذ أنني أدخل بمغامرة نقاشيَّة أدافع بها عن عقيدتي ، و لعلِّي أردت أن تهتدي ، و بعد تعليق آخر فوجئت بها تقول : " أنا يهودية !! " لا و المصيبة أنها تكمل قائلة : " و المسيح يأمرنا باحترام الأديان الأخرى و عدم الجدال بها " !

عقلي توقَّف ، و لم أستطع إلا أن أسألها باستنكار : " أنت يهودية أم نصرانية ؟ "
و كانت المصيبة الثانية تسقط على رأسي ، عندما أجابت : " أنا أعتنق شيء من اليهودية و بعض النصرانية هكذا قال الإله يهوه !! "




 

لا لا إلى هنا و كفاية ، هل هي طبخة لتضيفي عليها بهارات من هنا و هناك ، و أضفتِ فوق يهوديتك و نصرانيتك شيء من الصوفيَّة !

و هنا انهلت عليها بكلام ربما كان قويًّا و استعنت بآيات و أحاديث ، و أخبرتها بأن دينهم محرَّف ، و أنه على أيَّة حال عيسى قد أمرهم باتباع أحمد و هو نبينا ، و أن ما ردَّ آباءها و أجدادها هو الكبرياء بأن لا يكون النبي منهم ، و تحدَّثت مطوَّلًا بالأمر ، بكل ما اوتيت من علم و أدلَّة ، و ما جعلني أشعر بالشفقة عليها هو ردودها فهي لم تقل غير : " نحن نحترم الأديان و لا نجادل و لا نتحاجج " " أنا لا أغيِّر عقيدتي " " عن أي دين تتحدثين ؟ " " لا تتدخلي بديني ! " و لم ترد بأي رد يدحض كلامي أو ينكره ، و قتها علمت كم هي جاهلة و ربما لا تعرف ماذا تعتنق من دين ! ؛ فقمت بإعطائها آيات من القران عن أهل الكتاب ، و عن الكفار بشكل عام ، أعتقد أنها توقَّفت عندها قليلًا لأنها تأخرت بالرَّد ، و كم أسعدني هذا الخاطر أن يكون كلامي موزونًا و كافيًا لجعلها و لو تبحث و تقرأ أكثر عن الدين ، و لكن عندما ردَّت وقتها قالت بأنها لا تريد الرَّد أكثر لأنها لا تريد أن تتحدث بلا لباقة مع الآخرين ، و عادت تسرد أسطوانة الإله الباطل ذاك !

 


 


شعرت بأنها خجلت من عدم ردِّها على كلامي ، و حججي و الأدلة التي أعطيتها ، لذلك عمدت إلى التوضيح لها كم أنا آسفة للظلام الذي تختنق به ، و أنها عليها أن تبحث و تقرأ أكثر ، و أن لا تبقى على عماها هذا ؛ فخَرَجَت عن السيطرة ! ، أعتقد أنها شعرت بأن كرامتها قد جُرِحت بأسفي الذي أردت به الإشارة إلى مدى جهلها ، و كان ردَّها لا يتحدَّث إلا عن الأخلاق و اللباقة و إلى ذلك من الأمور التي لا شأن لها بنقاشنا ، و قالت : " أنا أشفق عليك حقًا لأنك هشة أنت هشَّة فعلًا جدًا " و عند هذه الجملة لم أستطع إلا أن أضحك و الله " فعلًا جدًا " !! لم أسمع هذه العبارة من قبل ، يبدو أن أعصاب الفتاة كبذور الفشار في القِدر ، و أحببت أن أجعلها تشعر بشيء صحيح في كلامها ، و أنها مهما أخطأت فيمكنها تصحيح الخطأ ، و أخفيت تحت عباراتي شيئًا من الإستفزاز ، بصراحة كنتُ أريد أن ألتصق بعقلها ، و أن لا تنسى موقفنا هذا ، لعلَّها يومًا تهتدي ، أو تتذكَّر كلامي فتبحث و تصحِّح توحيدها ، و ربما وقتها تكون لي يدًا في صلاحها و أكسب أجرًا في نصحها ، فبرأيي الإستفزاز الكلامي يجعل المواقف ثابتة في الذاكرة ، و هذا ما فعلت و أتمنى أن لا أكون أفسدت أيَّ شيء بما قلته أخيرًا ...






على كلٍّ صوَّرت التعليقات للذِّكرى ، خصوصًا و أن حساب بوك تايم قرَّر بأن يحذف التعليقات !
ألم أكن يومًا مهووسة بالذكريات ،  هذا ما حدث و لكنني أظن بأن الإنترنت لن يسعفني لنشرها كلَّها و لكنني سأحاول و سأرى ما يمكنني رفعه ..

كنتُ قد انتهيت من النقاش هذا بعد صلاة العشاء حسب المسجد الذي لم يتوقَّف عن الصلاة إلى الآن و لا أريد أن أٌول بأن القائمين عليه من الإخوان المسلمين و لم يستجيبوا لقرار المجلس الإنتقالي !
عندما انتهيت كنت أضحك من الفرح ، لقد كنتُ ثابتة و هذا جيِّد حقًا ، ثانيًا أحمد الله أن الفتاة لم تكن صوفيَّة ذات شُبَه ربما تقع في نفسي _ لا سمح الله _ فالمؤمن يحرص على عقيدته أشدَّ الحرص ، ثالثًا أنها المرَّة الأولى التي أدخل بها نقاشًا دينيًا ، و رابعًا كنت هادئة و تكلَّمت دون أن أعنِّفها و هذا بالبداية و عندما أخبرتني بأنها يهوديَّة ، و خامسًا استفزازي الأخير لها بعد أن قالت بأنها لن تردَّ مجددًا ، و هذا قد ينفع في تذكيرها يومًا ما .. ربما !

من شدَّة ارتياحي بعد النقاش ، عرضت الصور على أختي ، في بادئ الأمر قالت بضيق : " يختي قد قلتلك هذي الكتب اللي تقرئيها كله بلاوي ، و ليش تناقشي وحده كذا صبَّة ! " ، و لكنني صبَّرتُها و جعلتها تقرأ التعليقات كلها ، و زاد انشراح صدري مع ملامح وجهها التي ارتخت ، و عندما انتهت شرحت لها أنني كنتُ لا أتوقَّع حتى أن تكون يهوديَّة ، فقد ظننتها فتاة عاميَّة جاهلة و سقطت في براثن شُبَه تؤذي توحيدها ، فأردت أن أنبِّهها و ألفتها إلى الأمر ، و لكن عندما علمت بأنها يهوديَّة فقد كان وقت التراجع عن النقاش انتهى ، و ان انسحبت لأنه لا جدوى من نقاشها كما يغلب عليه أمرهم فإنها ستظنُّ أنها على حقٍّ ، و هذا لا يريحني فكافئني الله بأن كانت جاهلة تمامًا فاستطعت سرد أدلَّتي دون أن تلقي أي شُبَه أكبر مني أو قد تقع في قلبي و الحمد لله على كلِّ حال ...


أعترف...
أنا مندفعة ، ربما متهوِّرة ، و لكن الله ينقذني كلما كان مقصدي حسنًا ، و كانت سريرتي صافية ، فالحمد الله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات ، و له الحمد كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه ...

دائمًا لا أتوقَّع الفساد و الظلام ، دومًا يباغتني ، ربما أنا متفائلة أكثر من الحدِّ المعقول ، و أرى الناس طيِّبون و أقلَّ شرًّا في كل مرَّة أُخدَع بهم ، و رغم كلَّ ما حدث معي من مواقف قبلًا توضِّح لي كم يوجد من أناس أشدُّ سوءًا مما أتصوَّر إلا أنني أُحسِن الظن كثيرًا ، و لا أفكِّر بأعلى مراتب السوء و الظلمة التي يعيشون بداخلها !

لا زالت آثار الإقتباس الذي ذكَّرتنا به نسرينة ظاهرة في أفكاري و كلامي ، و هذا يدلُّ على عمق كلماتها و قوَّتها ، و هذا ما استعرته من كلماتها لأرد على اليهوديَّة تلك عندما قالت أنني هشَّة و فعلًا جدًا !!!

 


لقد كانت تجربة اليوم غريبة عليَّ أنا ، و أظن بأنني تعلَّمتُ أن أحذر في تعليقاتي ، و أركِّز من أناقش و مع من أتحدَّث ...

يقول الله تعالى : ( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق و يعلمون أن الله هو الحقُّ المبين )
و لكنني أتمنى لهذه الفتاة أن تهتدي قبل انتهاء فرصة التوبة ، و أن تعلم بأن الله هو الحق المبين من خلال البحث أكثر ، فلعلَّ لي جزءًا من أجر نصحها و دلِّها إلى الحقِّ .
الله هو الحقُّ الذي لا شكَّ فيه و لا ريب ، لا في ذاته و لا في أسمائه و صفاته ، و لا في ألوهيَّته ، فهو المعبود بحق و لا معبود بحقٍّ سواه ، فأفعاله حقىو أقواله حق و وعده حق و شرعه حق و دينه حق و لقاؤه سبحانه حقٌّ لا مجال للشكِّ فيه ...
و المبين هو الله لأنه يبين لعباده سبيل الرشاد ، و يوضِّح لهم ما يحب و ما يكره ، و الصالح و السيء فيفعلوا الخير و يتركوا الشرَّ خوفًا منه و رجاءً لرحمته تبارك و تعالى ؛ و لاسمه المبين معنى آخر و هو البيِّن أمره في الوحدانية ، فهو الإله الحق المبين لا شريك له ..
و في فقه الأسماء الحسنى لعبد الرَّزاق بن عبد المحسن البدر اسهاب في الإسم العظيم هذا ، و يغني عن حديثي عنه ...


هناك آية مهمة و هي : ( و ما قدروا الله حقَّ قدره )
سبحانه و جلَّ شأنه ، من أن نُنقِص من قدره شيء و هو الحقُّ الكبير العظيم لا إله إلا هو على كل شيء قدير ...




إلى كلِّ من زاغ عن التوحيد الحقِّ ، و كلَّ من تخبَّطته الشبهات حتى ما عاد يعرف من يعبُد و كيف دينه يثبُت : 

( إقرأ في صفحات اسم الله الحق المبين ، و سيزول كلَّ الشك ، سيُدبِر الشيطان هائمًا على وجهه ، و سيخرجك الله الأحد من ظلمتك إلى نوره الحق ، و دينه الحق ؛ فقط اطلب هدايته يهديك ، و نوره يعطيك )





آه لم تسعفني بطارية الجهاز بالأمس للنشر ، و قد كتبت التدوينة في وقت متأخر مع زحمة الأطفال اللذيذة في منزلنا 😅💗
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv