11 رمضان 1441 هـ
اليوم أصبحت شبه
متأكدة أنني أعاني خللًا بالتوازن !
صليت التراويح في
المنزل ثم خرجت في مشوار هام لشراء حاجيات طلبية صغيرة سمحت والدتي بخروجي لأجلها
بعد إقناع ، على كلٍّ خلال طريقي كدت أتعثر عشرات المرات ، و أكون على حافة
الإصطدام بالأشخاص لولا انحناءه سريعة تنقذني ، أتبعها بخطوات سريعة محرجة و
يتكرَّر نفس المشهد !!
تمرُّ علي أيام أفقد
فيها تركيزي على الطريق ، و طريقة المشي ، و بطريقة لا أعرف كيف تحدث أفقد توازني
، آه لا يعني أنني أترنَّح لا و لكنني أصطدم بالأشياء و أسقط كثيرًا و بأبسط عثرة
!
هل يمكن أن يكون
للمشاعر يد في الأمر !؟
أظنُّ هذا فعندما
أكون في قمَّة سعادتي أو قمَّة بؤسي أو أي مبالغة في مشاعري أفقد توازني ، لذلك
دائمًا أصاب بالرضوض و الشروخ و الإلتواءات حتى أصبحت شيئًا عاديٌّ جدًا ، فمثلًا
اليوم صعدت على السرير و أنا أمثِّل حركة لأختي بهزل ، فكدت أسقط و خرجت في
النهاية بالتواء خفيف بالكاحل ، ثم عندما خرجت لأشتري الحاجيات كدت أتعثر فالتوت
من جديد !
لا زال يؤلمني كاحلي
قليلًا ، و لكنه و الحمد لله ليس التواء خطير ، بل هو كثير الحدوث لي ...
أذكر مرَّة كنت أمرُّ
بحالة من فقدان التوازن هذه ، كنت أبيت في منزل أخي لولادة زوجته ، لا أذكر جيدًا
ما الشيء الذي كان يحزنني وقتها ، و لكنني كنت على الدَّرج المؤدي للخارج أظن
بأنني كنتُ أحاول الإختلاء بنفسي قليلًأ و تهدئتها ، و فجأة وجدت نفسي اسقط !
نعم لقد تدحرجت في
الدَّرج الضيِّق ، و مع الأسف .... على وجهي !!
و المصيبة ليست سقوطي
، و إنما كتمي لصرختي !
و في أسفل الدرج حيث
وصلت ، قمت و العبرة تخنقني ، عدت أصعد الدَّرج بهدوء و بطء و أنا أشعر بكل خلية
من جسدي تنتفض ، كل شيء كان يؤلمني ، كفاي لم أعد أشعر بهما ، قدماي متراخيتين و
لم تستطيعان الوقوف دون ترنُّح ، وصلت للأعلى أخيرًا و جلست في بداية الدَّرج
أنتظر مرور أي أحد من الـ" برندة " ، لم أكن أريد أن أخيفهم ! ، و ما إن
مرَّت أختاي تضحكان على حديث لهما ، و شاهدتني أختي الكبيرة ضحكت من جلوسي الغريب
، و علَّقت على كفاي الحمراوين المنتفختين و المرتخيتان على حضني أتأملهما بصمت
قائلة : " أش في ؟؟ اش اتنقشتي ! " و علَّقت أختي الأخرى بدهشة : "
أني برويلك ليش مقلتيليش بتنقش معك ! "
وقتها ضحكت !
ضحكت حتى سقطت دموعي
، و اختلط ضحكي بالبكاء ، فاقتربت أختي الكبرى لتتفقدني بتعجُّب ، و ما لبثت أن
سألت بأسى : " مش معقول ! لا ! إش سقطتي !!!!؟ " ، هززت رأسي بنفس ضحكي
الهستيري ، فقامت تساعدني على القيام ، و أختي الأخرى في نفس دهشتها ، تسألني التي
تساعدني : " كيف سقطتي ؟ إش وقع ؟ "
فلا أملك إلا أن أجيب
بابتسامة و دموعي لا زالت على وجهي : " اتفحَّصتلكم جودة الخشب ! "
تضحك لقولي ، و تعود
متسائلة : " لا بالله كيف ؟؟! أصلًا إش نزَّلك ؟؟ "
فأرد بقلة حيلة :
" فجأة لقيت نفسي تحت ! "
و تتم الإسعافات
سريعًا من أمي التي اعتادت على رؤيتي هكذا دائمًا ، و تأزمت جدَّتي سعاد و هي أمُّ
زوجة أخي ، و بقت تقرأ علي و منعتني تمامًا من حياكة الصوف أمام أي أحد قائلة :
" يا بنتي العين حق ، آخر مرَّة تشتغلي قدام احد " و بعد فترة وصلنا خبر
إصابتها بالسكريِّ !! ؛ عافاها المولى و حفظها من كل شر ...
مواقف كثيرة حدثت لي
بسبب هذه الحالة المستعصية ، مرَّة سقطت في قطرات ماء مسكوبة في ساحة " دار
التوحيد " حتى وصلت بسباحتي أمام أحد الفصول ، و مرَّة لعبت تنس فارتدَّت
الكرة على خنصري فتسببت بشرخ في عظمه ، و مرَّة كنت أنزل من الرصيف لأقطع الشارع فوجدت
نفسي جالسة في الأرض قريبة جدًا من شتلة مزروعة على الرصيف ! و مرَّات كثيرة كل
واحدة أسوأ من الأخرى ؛ و منذ الأمس و بعد أن تسببت بسكب إبريق الماء في غرفتنا ،
و أختي الكبيرة تردِّد : " أجتلك الحالة " و لا زلت أتلقَّى حتى الآن
الأمر بـ " اتفرَّجي سوا " !
هذه الحالة ترافقني منذ
صغري ، لذلك أصبحت شيء روتيني لا أخاف منه كثيرًا ، و حتى من حولي بات خوفهم أقلَّ
، و من المتوقع دومًا إصابتي بالشروخ و الإلتواءات ، أما بالنسبة للكسور فهي لم
تصبني كثيرًا بل كانت مرتين أو ثلاث ، و على كلٍّ فإنني بتُّ أرفض الذهاب للعيادة مهما
كان الألم ، لأنني على الأرجح سأقضي أغلب أيامي مع الجبائر و الفيتامينات ، لذلك
أصنع وصفة عجيبة في علاج ما يصيبني و هي الكركم مع الحناء و بعض الماء الدافئ و
أحيانًا الحارِّ و أغطي المنطقة به و أكتفي بهذا حتى و إن كان مفعوله يتأخر قليلًا
لكنه أفضل بكثير من الجبائر و المراهم ، خصوصًا و قد جرَّبت مرة أو مرَّتين الذهاب
للعيادة فلم أستفد شيئًا أو حتى أعطاني الطبيب حلًا قاطعًا ، بل حرَّك العضو الذي
يؤلمني ببرود غير آبه بآهاتي و عدَّل نظاراته الدائرية قائلًا : " من الصور
الإشعاعية لا يوجد كسر ، لكن عودي في الموعد المقبل لنرى إن كان هناك تطورات !
" كان هذا عندما كنت في الصف الثاني إعدادي كما أتذكَّر ، و بعدها فضَّلت
العلاج التقليدي أكثر من الذهاب للطبيب المستفز ذاك ..!
" أظن بأن
إنكساري كعادة كل صفاتي لا يكتمل ، دائمًا يبقى شرخًا أو حتى رضَّة مؤلمة أكثر من
كسر نهائي ؛ ألاحظ أنني دومًا في منتصف كل الأشياء ! "
و لكنَّني في هذه
المرَّة متوترة كثيرًا ، أحاول المحافظة على تحركاتي ، إخفاء هذه النوبة ، تقليل
الإصابات على الأقل ، و لكن مع كامل الأسف و الأسى لا جدوى ...
و في قمَّة ضعفي هذا
أقول لمن فاقت قوَّته كل قوَّة : أن يا قويُّ هب لي من عندك قوَّة و توازن ، و
ارحم تهالكي يا إلهي ..
القوَّة شيء يتفاخر به الكثير ، و التماسك نعمة عظيمة لا يملكها كل إنسان ، و
من يمتلكها لن يبلغ منتهاها لأن الله فوقه أقوى ، و هو أعلى و أكبر ...
الله هو القويُّ
العزيز ، هو القوة العظمى ، له القوَّة المطلقة و القدرة الكاملة ، و فوق قوَّته
رحمة و إجابة ، يرحم ضعفاؤه فيجيبهم و يقوِّيهم و يشدُّ أزرهم و يقوِّم عودهم
المائل .
الضعف صفة متلازمة
للإنسان ، و مهما ظنَّ أنه قوِّي فهو في ذروة ضعفه أمام قوة خالقه ، قادر على كشف
نقاط ضعفه ، على تعرية روحه الهشَّة ، على الإطاحة بغرور لا يتلاءم مع ضعفه ، على
كسر كبريائه المزيَّف ، قادر على أن يفضح هشاشته في لحظة فاجعة فينسف كل صور القوة
التي تغنَّى بها دومًا ..
مصيرك يا إنسان موت ،
خلقت من تراب ، و كُنت من كلمة ، و تكوَّنت من قطرة ماء !
مالك و للقوة سبيل
سوى طلبها من القويُّ العزيز ، فيرحمك و يجيب همسك المرتبك فيهبك قوة لا تُنقِص من
قوَّته شيء ، فإذا حظيت بقوَّةٍ من الله فسيكون انكسارك أصعب ، و ضعفك أقل ، لأن
قوَّة الله العظيمة لا تتكشف إلا عندما يأمر هو بذلك ، و لا تنكسر إلا بأمر منه
سبحانه ..
يقول بلال بن رباح و
هو عبد أسود قوَّاه الله و أيَّده بنصره ، عندما عذبوه قريش بكل قسوة ليكفر : [
أحدٌ أحد ، أحدٌ أحد ] !
بقوَّة الله التي لا
تكسِر و لا تنكَسِر ، كَسَر إصرارهم ، فاز على طغيانهم ، و ثبت كما لم يثبت أحد ،
أعطاه الله القوة ليوحِّده من بين أوجاعه ، هُزِمَ عذابهم له ، و انتصر توحيده
بقوَّة الله ..
سفينة نوح كانت هزيلة
في وجه ذلك الطوفان ، سَخِر منها المشركون ، و لكن الله وهبها قوَّةً لتصمد في
وجهه و تسير بأمره لتوصلهم إلى برِّ الأمان ..
الجنيُّ الذي كان تحت
إمرة سليمان ، من أعطاه القوة ليأتي بعرش بلقيس قبل أن يفتح سليمان عينيه ؟ ، أي
قوَّة تلك ؟!
هو القويُّ من أعطاه
إياها فسيَّر الأمور في نفس المنحى الذي كُتِبَ من قبل خَلقِنا ، تجيئ بلقيس
تتفاجأ بعرشها ، لا تصدِّق كيف جاء ! ، يبهرها الصرح الزجاجي ، تحسبه ماء ، تنذهل
، ثم تؤمن ( أن القوة لله جميعًا ) !
و أنا بهشاشتي ،
بكُسرِ روحي ، بضعف جسدي ، بسقوطي المتكرِّر ، و عثراتي الكثيرة : أتوسَّلُ قوَّتك
يا قويُّ يا متين ..
و بهمسي الهزيل :
إرحم ضعفي ، و تولَّني بحفظك أنا و عبادك المؤمنين بقوَّتك ، الفقراء لك ...
إلى جدَّتي سعاد الحبيبة :
( في قمَّة الهزال نحن البشر ، في ذروة الهشاشة ؛ لا تخافي ثانية و
اعذري ضعفي المُعلَن ، و فواجعي الكثيرة ، و أعطاك من قوَّته التي لا تُهزم ، و شفائه
الذي لا ينتهي ...
و بعيدًا عن أسفي هذا ، إنني أفتقدك و حرصك و السعادة التي تأتين بها
، أنتِ سُعادنا الجميل ، ننتظرك مهما غِبت )
إلى ضعفي ، و إلى كلِّ بشريٌ ضعيف هزيل :
( و استمدَّ قوَّتك من القويِّ ، و لا تخشَ بعدها ضعفًا )
ذكرتيني بنفسي، كثيرا ما سقطت بحياتي وكل موقف حدث معك تذكرت مواقفي، اعتقد ساكتب عنها تدوينة لنضحك معا.
ردحذفاتمنى لك الصحة والعافية وان يبعد الله عنك المرض
ما السبب في حالتنا المستعصية يا ترى ؟؟😶💔
حذفنعم بانتظار مواقفك ، أحتاج أن أُؤنس بأحد سريع السقوط مثلي !
آمين و إياك عزيزتي ، نوَّرت مدوَّنتي 🌷