كعادتي
، و منذ تلك البدعة التي أقمتها في 2018 ، تحديدًا عام الفقد الأول ، أرفع
البالونات الملونة ، أقيم اللوحة التي ليست إلا صفحة فقدك ، كنت بينما أرسمها
أرسمك !
أرسم
امنية اللقاء ، و بين شفتاي يتسلَّل لحن الحنين ، لا زلت أتذكَّر كيف كنتُ منصتة
لأي خشخشة لعلَّها تكون لك ، كيف كنت أستنشق هواء الظهيرة الحار لعلَّ رائحتك تعلق
به ، كيف كنتُ أبكي في ذات الوقت الذي أبتسم ، لقد كنت في غمرة فقدك ...
و
الآن أرفع لوحتي ، و أنفض غبار الذاكرة في وجه حاضري ، و أقف بظهر أثقله الفقد ،
بعينين أوهنهما الإشتياق ، و بشفتين متشقِّقتين من ذكرى الفاجعة ...
ماذا
كنتُ أظنُّ إلا مزيدًا من فقدك ، بيد أنني أعلم أنني ما رفعتها إلا لإثبات قوَّتي
، و صلابتي أمام الفاجعة كفرصة أخرى ، و أتصوَّر لو أنني ما عدت أفقدك !
فقدت
فقدك ، فتَاهَ حبُّك ، و انقلبت مشاعر الغياب حرقة وجع تدفنك !
لو
أنني ما عدت أفقدك ، ما عدت أجد حيزًا آخر لأفقدك ، و امتلأت دواخلي بك فتنبذتك !
و
في النهاية أعترف بكُسرٍ لم يُجبَر ، كسر لو جُبِرَ لفقدتك ، كسر لو استقام ما
عرفتك !
أعترف
بجسر لم يُعبَر ، جسر لو عُبِر لنهشتك ، جسر لو عُمِرَ بخطوات ما كسبتك !
أنتهي
إلى حبِّك ، حيث نقطة المبتدى و المنتهى ، و الوجود و الفناء ، و أقف أمام فقدك من
جديد ..
ها
أنا ذا لا زلت أفقدك ، تُلهِب عيناي غيبتك ، تُيبِّس أناملي وحشتك ، و أغرق بلا
بحر ، بلا مطر ، و بلا دفء يواسيني ببعدك ، و لا أجدك ..
مهما
بحثت بين الوجوه ، و مهما تمعَّنت بفوضى الحواس ، و مهما أصغيت قلبي لوقع قلبك ،
لن أجدك ..
أتعرف
، عيدًا ما بحثت بين سرابيل دافئة ، بين أحذية جلدية فاخرة ، بين قبَّعات مخملية ،
و سيارات حمراوية ، و أعين كثيرة فارغة ، كلها كانت خاوية ، لم أجدك ..
و
اليوم أنعيك بنفس الظهر المعقوف و علم الحب المنكوس ، و ذات الوجع المعروف ، و بكل
حماقة كما أفعل عند كل ذكرى لفقدك ، أهتف هتاف العاشقين بدون " للأبد "
!
و
أقول بروح مهشَّمة ، و أمنية متعفِّنة : سأجدك ، و أحبك من جديد ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق