24‏/5‏/2020

# رسائل لن تصل # ركنٌ مضيء

موجة فقد


كعادتي ، و منذ تلك البدعة التي أقمتها في 2018 ، تحديدًا عام الفقد الأول ، أرفع البالونات الملونة ، أقيم اللوحة التي ليست إلا صفحة فقدك ، كنت بينما أرسمها أرسمك !

أرسم امنية اللقاء ، و بين شفتاي يتسلَّل لحن الحنين ، لا زلت أتذكَّر كيف كنتُ منصتة لأي خشخشة لعلَّها تكون لك ، كيف كنت أستنشق هواء الظهيرة الحار لعلَّ رائحتك تعلق به ، كيف كنتُ أبكي في ذات الوقت الذي أبتسم ، لقد كنت في غمرة فقدك ...

و الآن أرفع لوحتي ، و أنفض غبار الذاكرة في وجه حاضري ، و أقف بظهر أثقله الفقد ، بعينين أوهنهما الإشتياق ، و بشفتين متشقِّقتين من ذكرى الفاجعة ...

ماذا كنتُ أظنُّ إلا مزيدًا من فقدك ، بيد أنني أعلم أنني ما رفعتها إلا لإثبات قوَّتي ، و صلابتي أمام الفاجعة كفرصة أخرى ، و أتصوَّر لو أنني ما عدت أفقدك ! 

فقدت فقدك ، فتَاهَ حبُّك ، و انقلبت مشاعر الغياب حرقة وجع تدفنك !

لو أنني ما عدت أفقدك ، ما عدت أجد حيزًا آخر لأفقدك ، و امتلأت دواخلي بك فتنبذتك !

و في النهاية أعترف بكُسرٍ لم يُجبَر ، كسر لو جُبِرَ لفقدتك ، كسر لو استقام ما عرفتك !

أعترف بجسر لم يُعبَر ، جسر لو عُبِر لنهشتك ، جسر لو عُمِرَ بخطوات ما كسبتك !

أنتهي إلى حبِّك ، حيث نقطة المبتدى و المنتهى ، و الوجود و الفناء ، و أقف أمام فقدك من جديد ..

ها أنا ذا لا زلت أفقدك ، تُلهِب عيناي غيبتك ، تُيبِّس أناملي وحشتك ، و أغرق بلا بحر ، بلا مطر ، و بلا دفء يواسيني ببعدك ، و لا أجدك ..

مهما بحثت بين الوجوه ، و مهما تمعَّنت بفوضى الحواس ، و مهما أصغيت قلبي لوقع قلبك ، لن أجدك ..

أتعرف ، عيدًا ما بحثت بين سرابيل دافئة ، بين أحذية جلدية فاخرة ، بين قبَّعات مخملية ، و سيارات حمراوية ، و أعين كثيرة فارغة ، كلها كانت خاوية ، لم أجدك ..

و اليوم أنعيك بنفس الظهر المعقوف و علم الحب المنكوس ، و ذات الوجع المعروف ، و بكل حماقة كما أفعل عند كل ذكرى لفقدك ، أهتف هتاف العاشقين بدون " للأبد " !


و أقول بروح مهشَّمة ، و أمنية متعفِّنة : سأجدك ، و أحبك من جديد ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv