30 رمضان 1441 هـ
رمضان يغادر
بالثلاثين ، يودِّعُنا و كأنه لم يكن ، و كأن ثلاثون يومًا لم تبدأ لتنتهي ، بسرعة
رغم بطء بعض أيامه ، ينقضي ...
و العيد أقبل ، و
السعد هلَّ : ( و لتكملوا العدَّة و لتكبروا الله على ما هداكم و لعلكم تشكرون
)
أصوات التكبيرات تعلو
، بهجة العيد تنشر رائحة عبقة في المكان ، لون الأشياء زاهٍ ، و تهاني العيد بدأت
بالتبادل ...
أبتسم ...
رغم كلِّ النقص ، رغم
كلِّ الأشياء التي تقلَّصت ، رغم كل ما لا يشجِّع على الإبتسام ، أختلق حماسًا
فيما بين حواسي ، أغني و أرقص على صوت mb3 ، أنبش أناشيد عيد قديمة ، أسترجع معها ذكريات الماضي بحلوها و
مرها ، و رغم عبرة الفقد أحيانًا أمضي ...
أعدت طلاء اللوحة من
جديد بعد أن بات طلاءها القديم بالٍ ، فعادت جديدة مرَّة أخرى ، رتبت البالونات
على الحائط ، و صنعت لأختي بعض الأساور التي طلبتها ، و رتبت فوضى مكتبي ، لم أجد
الوقت لتطبيق شكل العيدية الفخم ذاك رغم أن لديَّ كل الأدوات ، و لكن " حوش
" المنزل سرق كثير من وقتي ، فعندما نظَّفته قبل أذان المغرب ، تعمَّقت في
تنظيفه ، و في العشاء هبَّت عاصفة غبار " غوبة " و أصبح مغطى بالرمل ،
فعدت أنظفه ثانية ، الأمر الذي جعل خطَّتي تتأخر قليلًا ، و بالتالي فقد أُلغيت
فكرة العيديات لهذه الليلة ، قد أقوم بعملها في الصباح من يدري !
على كلٍ قمت بوضع
الحناء لأمي ، استمتعت كثيرًا بهذا رغم اعتراضاتها ، مشيرة أنني بطيئة و أنها كانت
ستكون أسرع كي تنام ، و على أيَّة حال فقد انتهيت راضية بالنتيجة ، و اخذت حمامًا
طويلًا و ارتديت " جلابية " ثوب النوم الذي خاطته لي أختي ، حضَّرت كوب
موكا ، و جلست على سريري بلباسه الجديد و احتفالي الصغير فيه الذي اشتريت حاجياته
بالأمس ؛ أحبُّ أن أحتفل بنفسي ليلة العيد ، أكتب دائمًا في مفكرتي ، و لكن هذا
العيد أكتب على مدونتي ، أكتب دون توقُّف حتى أسمع أذان الفجر فأقوم لأتجهَّز
بلباس العيد الصباحي و أحتفل مع الآخرون .
في غير هذا العيد نذهب في الساعة السادسة صباحًا لمصلى " خور مكسر " نصلي العيد و نستمع للخطبة من الشيخ " جلال " ، ثم نعود للمنزل عند الثامنة أو أكثر ، تبدأ أمي بطبخ " الكبدة " و نشتري " الروتي " الذي نفقده في رمضان كله ، و تصنع " شاهي أبيض " عدني ، و بعد أن نفطر يحضر إخواني ليسلموا علينا مع أبنائهم ، ثم ينطلق والدي معهم و الأطفال ليعايدوا على جدَّتي أم والدي ، و أعمامي و عمَّاتي ، ثم أختي الكبرى يسلِّموا عليها و يأخذوا بناتها الثلاث و ولدها معهم ، و يذهبوا ليعايدوا على البقيَّة من جدتي أم والدتي و خالاتي و أخوالي ، و كل من نعرفه أو لنا قرابة به ، يعودون في الحادية عشرة أو الثانية عشرة إن تأخروا ، نتغدَّى و يغرق كل من في المنزل بالنوم ...
في العصر نذهب نحن
النساء لزيارة جدَّتي أم والدي ، و في اليوم التالي إلى جدَّتي أم والدتي و
نتغدَّى عندها ، و في الأيام الباقية نتبادل الزيارات حتى لا ننتهي إلا بعد عشرة
أيام على الأقل من العيد .
و في هذا العيد لن
نذهب للمصلَّى على ما أظنُّ ، و العيد يتقلَّص قليلًا ، و الأطفال أظنُّ أنهم لن
يعايدوا إلا على جدَّاتي أو ربما ليس على أحد ، لا أدري ، و على كلٍّ فاحتفالي
العيديُّ الليلي الصغير هذا لا زال قائمًا ، و الحمد لله على كلِّ حال .
كلَّما كدت أتذمَّر
من عدم ذهابنا للمصلَّى ، أُذكِّر نفسي بالعيد الذي قضيناه في تلك المدينة الموحشة
في الحرب ، فأشكر الله على أننا في عدن بخير سالمين غانمين ، الأمن يحفُّنا و
الخير و البركة بيننا ، و أتجاهل كل غوغاء المهوِّلين للأوضاع هنا ، و أمضي في
ثبات بمراسيم العيد المتوفِّرة ...
أوَّلًا أحمد الله
تعالى على أن أعانني في الإستمرار بفقرة " تأملات " طوال ثلاثين رمضان
كاملة ، دون توقُّف و لا إحباط .
ثانيًا أُهنِّئ نفسي
بهذا الإنجاز ، أبارك لها نجاحها بامتياز في هذا التحدي الذي فرضته عليها
فتقبَّلته بكل كفاح ، فهذه الروح عصيَّة على الإستمرار ، فاشلة في كتابة اليوميات
بشكل عام ، راسبة دائمًا _ إلا هذه المرَّة _ باختبارات الثبات و الصمود رغم كل
المعوِّقات .
أودُّ أن أقول بأن
سلسلة اليوميات هذه دومًا ما فشلت بها ، و لم أقم بمثلها أبدًا بهذا الصدق ، و هذه
الشفافية التي كنت أفعلها بها و كأنني أخاطب نفسي و أحاسبها ...
و لقد طوَّرتُ تقنية
التأمُّل عندي ، و شرحتها بالنصوص ، و فصَّلت بها و كأنها بحث هام عليَّ إنجازه ليقرأه
أحد ما ، و لقد كان هذا " أنا المستقبلية ، أنا المحبطة ذات عثرة ، أنا
الغاضبة من عدم جدواها و لا فعاليتها "
لقد وفَّيت قولي و
أبلغت ، و لقد نجحت فابتسمي يا روحي الثكلاء ...
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر
و لله الحمد
ها نحن نكمل عدَّة
رمضان ، و نبدأ بالتكبير و إثبات الألوهية الحقَّة لله تبارك و تعالى ، و على ما
هدانا من كلِّ التيه الذي يكاد يغتالنا ، و من كل الطيش الذي يكاد يهشِّمُنا ، و
ها نحن نشكر يا الله
نشكرك و نحمدك على ما
هديتنا ، و رزقتنا ، و وفَّقتنا ، و رحمتنا ، و غفرت لنا و عفوت .
اللهم لك الحمد كما
ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك ، يا نور السماوات و الأرض يا حقُّ يا مبين ، يا
حليم ، يا حيُّ يا قيُّوم ، إنك حميد مجيد مجيب رقيب ، و إنك على كلِ شيءٍ قدير و
شهيد .
سبحانك لا إله إلا
أنت إنا كنا من الظالمين .
إلى كل العالمين ، إلى كل الأحباب و العابرين :
( عساكم من عُّواده ، و كلُّ عام و أنتم بخير سالمين و غانمين ، و من
بين نعم الله شاكرين ، و في أمنه و حفظه ماضين بلا خوف و لا فقد ..
و تذكَّروا أحبابكم بكلمة طيبة و ابتسامة دافئة ، و ابتسموا في العيد
مهما بلغ الوجع مبلغ ، ( و اشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون )
و بابتسامة صادقة أقول لكلِّ منكم : في فرحة العيد عبادة ، فكونوا من
العابدين في الشدَّة و الرخاء ، في السرَّاء و الضرَّاء ، و كبِّروا و اشكروا ، (
إن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) )
كل عام وانت وعائلتك بألف خير صديقتي، ومبارك لك التدوينات الثلاثين، وبالتوفيق دائما ^_^
ردحذفو أنت وعائلتك بخير و بصحة و عافية يا عزيزتي ، بارك الله فيك ، و وفقك المولى 🧡
حذفسعدت بحضورك هنا في هذا العيد الجميل 💞