23‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

شروق التاسع و العشرون ، و جمال مخلوقات الله الدالَّة على جمال خالقها


29 رمضان 1441 هـ





بدأتُ اليوم بمراقبة الشروق ، شروق شمس يوم الجمعة التاسع و العشرون من رمضان سنة واحد و أربعون و أربعمائة و ألف ، النور يتسلل ببطء و حركة الطيور مرتبكة ككل جمعة ، فلا تطمئن حتى تطلع الشمس من المشرق فتهدأ حركتها ، شمس صفراء زاهية ، البحر يتلألأ تحتها ، أسراب حمام ذاهبة و مهاجرة ، خفافيش مرعوبة من لون الصباح ، نورس محلِّق نحو الشاطئ و قد بدأت رحلته في طلب رزقه كما علَّمه الله ، غبار بعيد يشوِّش الرؤية فيما بعد الطريق البحري ، و سكون تام سوى من زقزقة عصافير ، و نعيق غراب ذاهب آيب هنا و هناك بعشوائية ، منظر السماء ملهم ، جبل حديد الذي يقف شامخًا تعبره سحب ذهبية فتزيد من منظره جمالًا ، منظر بديعي جمالي مذهل ذكَّرني بأن خالق كل هذا الجمال هو الجميل سبحانه و تعالى ...



قال عليه الصلاة و السلام : ( إن الله جميل يحبُّ الجمال )

كما نعرفه بمخلوقاته ، فإننا نعرف أنه جميل و يحبُّ الجمال ، و صنعته لا تشبهها صنعة ، و مخلوقاته جميلة كما يحبُّ ، فجماله لا يماثله جمال ، و نعبده بالجمال الذي يحبُّه من الأقوال و الأفعال و الأخلاق كما شرع لنا ، فنتعبَّده بإظهار نعمه في لباسنا و طعامنا و شرابنا ، كما في السنن : ( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده )

و قال أبي الأحوص الجشمي عن أبيه قال : ( كنت جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فرآني رثَّ الثياب ، فقال : ألك مال ؟ قلت : نعم يا رسول الله ؛ من كلِّ المال ، قال : فإذا آتاك الله مالًا فليرَ أثره عليك )



و قال لله تعالى : ( يبني ءادم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءتكم و ريشًا و لباس التقوى ذلك خير )



فالله جميل يحبُّ الجمال ، و أثر النعمة عليك يعدُّ شكرًا ظاهرًا لنعمته ، و الشكر جمال باطن ، فأنزل علينا اللباس و علَّمنا كيف نتجمَّل و كيف نتقرَّب إليه بالأفعال الجميلة من صدق و حبٍّ و أمانة ، و بأعمال القلوب الجميلة من إنابة و توكُّل و شكر و إخلاص ، و بالتطهر من الأنجاس و و الأوساخ و علَّمنا سننًا للفطرة مطهِّرة لنا و تجمِّلنا ، و نرى أثر من لا يقوم بها كيف تكون حاله ...

و لا تنافي بين التجمُّل و التواضع ، قال الرسول صلى الله عليه و سلَّم : ( لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا و نعله حسنًا ، قال : إن الله جميل يحبُّ الجمال ، الكبر بطر الحقِّ و غمط الناس )

و بطر الحق تعني دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا .

و غمط الناس تعني استحقارهم وتعييبهم .



و لا تنافي أيضًا بين الستر للمرأة و تجمُّلها ، فتدني عليها من جلبابها دون أن تتبخَّر أو تتعطر أو تبدي زينتها عن قصد ، فتخرج نظيفة مرتَّبة دون أن تضيف العطر و لا البخور و لا شيء من زينتها المكتسبة ، فتُصان لأهلها كجوهرة لا يمسُّها إلا محدودون معدودون ، كشيء بعيد لا يصله أي عابر سفيه ...



و بما تعبَّدت به عائشة رضي الله عنها أنها كانت تعطِّر دراهم و دنانير الصدقة ، فعَن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول: ( إنَّ الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل )



و الله جميل بذاته و صفاته و أفعاله و أسمائه ، و ما نعلمه من جمال ذاته هو ما أراد منا أن نعلمه ، كما قال : ( و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) ، ، و إلا فجماله مصون عن الأغيار محجوب بستر الرداء و الإزار كما قال رسوله فيما يحكي عنه : ( الكبرياء ردائي و العظمة إزاري ... )

فما ظنُّك بجمال حجب بأوصاف الكمال ، و ستر بنعوت الجلال و العظمة .!



و هو نور السماوات و الأرض ، جميل لا يشبهه جميل ، كامل لا يماثله كامل ، و عن النبي صلى الله عليه و سلَّم قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك و تعالى : تريدون شيئًا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبيِّض وجوهنا ، ألم تدخلنا الجنة و تنجنا من النار ، قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز و جل )



اللهم إنا نسألك لذَّة النظر إلى وجهك الكريم ، و الشوق إلى لقائك ، في غير ضرَّاء مضرَّة ، و لا فتنة مضلَّة ، يا كامل الجمال ، يا نور السماوات و الأرض ، إنَّك أنت الطيِّب القدوس ، يا ذا الجلال و الإكرام .






فإلى كل مخلوق جمَّله الجميل :


( و سبِّح عن كل جمال تشاهده ، و سارع لطلب رؤية وجه الكريم الجميل بكلِّ ما أوتيت من شوق ؛ فمن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه .

هنيئًا هنيئًا لمن أحب لقاء الله فأحبَّ الملك الإله الجميل لقاءه .. )



صورة سريعة للشروق  



الله الجميل ...




اشتريت الكوب اليوم و قد وقع حبُّه في قلبي من النظرة الأولى  ❤️️😅

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv