17‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

وقفة مع حكمة الله التي لا يدركُها الإنسان دائمًا

23 رمضان 1441 هـ


الصورة من " حوش " منزلنا ؛ الحرب أنهكته و جعلته مليئًا بالثقوب على حائطه ، و كثير من العثرات في أرضيته ، و لكنَّه لا زال جميلًا ، و لا بد من أن هناك حكمة ما ليصبح بهذا الشكل ، فربَّما تكون للشمس فرصة أكبر للعبور خلاله ، فالحمدُ لله 🙂❣️






يتوقَّف العمل على حقيبة العيد بسبب انتهاء البكرة ، و المحل الذي اشتريتها منه في كريتر ، و كريتر مغلقة لمدة ثلاثة أيام ، باختصار : " يا بقرة صبي لبن " !

حسنًا ، سأفكِّر بحل بديل لهذه المعضلة ، من الجيِّد أنني اليوم عوَّضت التأخُّر في قراءة الأجزاء ، و الآن أعتبر متقدِّمة على المقرر و هذا سينفعني في حال أن صار رمضان تسع و عشرون و ليس ثلاثون ، على كلٍّ رمضان كان كزفرة فقط _ كعادته _ بسرعة ، رغم أنني أرى أن الرمضانات السابقة كانت أسرع ، إلا أنه يبدو أن الكثير لا يوافقني على هذا ، و أظنُّ بأن التزامي بتدوينة يوميَّة جعل اليوم يبدو أثقل و أطول من حيث إعادة سرد بعض الأحداث ...

فرَّطت بساعتين كاملتين قبل قليل ، و أنا في أشد الغيظ من نفسي ، فقد وعدت نفسي أن أٌضي ساعة واحدة فقط في التجوُّل في انستقرام ، و بقدرة قادر أصبحت الساعة ساعتين ، و كلُّه بسبب حلاوة الحديث الطويل الغير مجدي و لكن اللذيذ مع إحدى المعروفات ، و نصف الساعة الأخير قضيته في صنع الشاي بعد أن علمت بأنه لا يوجد لدي أي فكرة عن تدوينة اليوم ، و أنا وعدت نفسي بالإستمرار ، و لن أسمح بالتساهل بهذا الشأن ..



أحفظ اليوم مقرَّر التسميع في برنامج ألف لام ميم ، في سورة آل عمران مقطع لفتني كلما قرأته ، حيث يقول الله فيها : ( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم بثلثة ءالف من الملئكة منزلين * بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة ءالف من الملئكة مسومين *  ماجعله الله إلا بشرى لكم و لتطمئن قلوبكم به و ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم )



يبيِّن الله أن النصر من عند الله حقيقةً ، و أن العدد ليس إلا بشرى و خبر سار تطمئن به النفوس القلقة ، فالله عزيز لا يغالبه أحد ، حكيم في تقديره ، و هو الحكم الذي لا نافذ له و لا راد .

ألم يكن الله دومًا رحيمًا !

و في مواساته لأمِّ موسى بعد تنفيذها أمره بوضع موسى في الصندوق ثم إلقاءه بالبحر : ( و حرَّمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلُّكم على أهل بيت يكفلونه لكم و هم له نصحون * فرددنه إلى إمه كي تقرَّ عينها و لا تحزن و لتعلم أن وعد الله حق و لكن أكثرهم لا يعلمون )

كان السبب أنه امتنع عن الرضاع من النساء بتدبير الله ، و بحكمته تبارك و تعالى جعل مردَّه إلى أمه ، لماذا ؟

( كي تقرَّ عينها و لا تحزن و لتعلم أن وعد الله حق )

و في سورة طه قال الله تعالى بعد أن قصَّ قصة الوحي الذي نزل على أم موسى كي تنفذ أمر الله : ( و ألقيت عليك محبَّة مني و لتصنع على عيني )

يا الله ما أعذب هذه الكلمات ، و ما أعظم وقعها في النفوس !

ربُّ موسى ألقى على عبده محبَّة منه ، تنجيه من كل شرور الدنيا ، تحفُّه بحفظ الله ، و يُصنَع العبد الضعيف على عين الله التي لا تنام و في حفظه و رعايته و كلئه لعباده الصالحين المختارين ، سبحانه جلَّ شأنه ...

الله هو الحكم الحكيم ، الذي يحكم بحكمه و يقضي في ملكه بما يريد ، لا رادَّ لحكمه و لا معقِّب لقضائه ، و بحكمته تسير كل الأمور ، و لا شيء في هذه الدنيا بصغيره و كبيره إلا وُجِد بحكمته ، و لا شيء وجد هملًا و لا عبثًا بداية من خلقنا للعبادة إلى خلق أصغر الأشياء و أبسطها ، فكلُّه في حكمه و حكمته البالغة ..

يقول الله تعالى : ( يؤتي الحكمة من يشاء و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا )

الحكمة صفة لا يملكها إلا قليل ، و هي كل علمٍ نافع مؤدٍّ إلى عمل صالح ناضج ...
 وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (كونوا ربَّانيِّين حُكَماء فقهاء)


و الله هو الحكيم الذي لا يماثله و لا يشابهه حكيم ، فشرع الشرائع و أنزل الكتب و أرسل الرسل ليعرفه العباد و يعبدوه ، فلم يخلقهم هملًا و لم يوجدهم سدى بل خلقهم لأكمل مقصد و أوجدهم لأجلِّ غاية .

و معرفته تعالى و عبادته وحده لا شريك له التي هي مقصود الخلق هي أفضل العطايا منه تعالى لعباده على الإطلاق ، بل هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية ... فقه الأسماء الحسنى



قال الله تعالى : ( إنَّا كلُّ شيءٍ خلقنه بقدر )


قال أبو إسماعيل الهروي: (الحِكْمَة اسم لإحكام وضع الشيء في موضعه)

وقال ابن القيِّم: (الحِكْمَة : فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي)

وقال النَّووي: (الحِكْمَة ، عبارة عن العلم المتَّصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النَّفس، وتحقيق الحقِّ، والعمل به، والصدِّ عن اتِّباع الهوى والباطل، والحَكِيم من له ذلك)

فمن له تلك البصيرة إلا من أوتيَ الحكمة و حظي بها من الحكيم الخبير ...

و إلا فالإنسان ناقصة حكمته لأنَّه أضعف من أن يصمد في وجه كل الظروف بحكمته ، و لأنَّ الحكمة الكاملة لله فهو المدبِّر و هو الخبير ، و هو بكلِّ شيء عليم ، و أما الإنسان فعلمه محصور محدود ، و خبرته صغيرة و لا تتعدَّى ما لم يريد الله له أن يعلمه كما قال : ( و لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء ) و بهذا نعرف أن حكمة الإنسان مهما بلغت فإنها لن تكون كاملة ، و الحكمة من عطايا الله و هباته ، كما قال الله : ( و من أوتي الحكمة فقد أوتيَ خيرًا كثيرًا )

و لهذا يبدو الناس دومًا في تخبُّط ، في حيرة من أقدار يرونها غريبة ، من أشياء لا يعرفون غاية وجودها و مقصدها ، فيصبر الموفَّقون على قضاء الله ، و يقنط الباقون بعدم فهم لقضائه تبارك و تعالى ، و لا شكَّ أن الفريق الفائز هم الصابرون ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون )



إن كثير من أحكام الله التي تمضي دون أن تعرف معناها ، و لكن تأكَّد دائمًا أن لها حكمة بالغة ، و غاية عظيمة ربما لن تحسب حسابها لحدود علمك ، و قُصر إحاطتك بالأشياء لأنك عدم و لأنك لا زلت بعد إنسان و لن ترقى لأن تكون كامل أبدًا ...

عند يوسف ، يرمِه إخوته في الجبِّ ، ثم إلى السجن ، ثم يُنسى في السجن ، ثم تخرجه رؤيا ، و عطيَّة وهبه الله إيها و هي تفسير الأحلام ، ثم في آخر الأمر يصبح هو عزيز مصر فيذكر نعم الله عليه قائلًا بعدها مقِرًّا : ( إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم )

و هذا مما آتاه الله فقال في بداية قصته في القران الكريم : ( و لما بلغ أشدَّه آتينه حكمًا و علمًا )

إذن فالله وهبه الحكمة ، و ميَّزه بها و أضاف إليها علمًا و رشدًا ، و لهذا كان دومًا يوسف صابرًا محتسبًا لأن الله ربط على قلبه و ثبَّته بما يثبِّت أولياءه ، و قوَّاه في وجه المغريات ، و أعانه على الصبر على الشهوات ...

فسبحانه جلَّ شأنه العزيز الحكيم ...











إلى كلِّ عدم ، قليل الخبرة ، يبحث عن خبر أكيد ، و علمٍ يطمئنه و يقرُّ به عينيه من أحداث متشابكة مترابطة أرهقت عقله و أنهكته :
( و اعلم أن الحكمة لله يؤتيها من يشاء ، فاطلبها منه يؤتيك إياها بسمعه و علمه و إجابته و قربه الذي لزم بحكمه الكامل و ملكه الذي لا يفنى ؛ و تأكَّد ان لا شيء يحدث إلا بحكمة منه و علم ، و اطمئن و لا تقلق ، فأنت في ملك حَكَم حكيم عليم لا يخلق شيئًا عبثًا ، و لا يوجِد شيئًا هملًا )



هذه صفحة مذكِّرات لم تستمر لأوَّل يوم في رمضان السابق ، و تحدثت بها بغير عمق عن اسم الله الحكيم ...
 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv