18‏/5‏/2020

# تأمـلات # رسائل لن تصل

حديث نومي مزدَوج ، و رأي في الزواج الفاشل


24 رمضان 1441 هـ



أصحو بكل هدوء لأُفاجئ بأختيَّ تنظران بعين لديها خبر ما ، أتجاهل الأمر و أفتح المصحف لأتمَّ وِردي ، فتقول أختي الأكبر : " آخ بس اليوم قرأتي و انتي نايمة " فتقول الأخرى بسرعة : " و الله افتجعت ، عاد لولو قامت تهدر بنفس الوقت و هي نايمة ! "

أسأل بشيء من الإحراج أخفيته بطابع مازح متسائل : " أسألكم بالله إش قرأت ؟ "

تشرح أختي الأمر : " قرأتي " و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة ... " دا كوم و لما توقفي عند مؤمنة كأنه أحد يراجعلك كوم تاني ! "

تقول الأخرى : " و الله عاده تكرري مؤمن ، مؤمنة ! "

سألت بضحكة و احراج : " بالله صوتي كان عالي يعني ؟ "

فتجيب بسرعة : " ما شاء الله و لا عندك دقَّة ، حسبتك صاحية من كثر ما هو عالي ! "

و تعلِّق الأولى : " المصيبة ان لولو قامت تخربط بنفس الوقت مفتهمليش حاجة "

و نضحك ثم يبدأ تعداد مواقف حديثي أثناء نومي ...



آخ يبدو أن ابنة أخي قد ورثت الحالة هذه من أبيها و عمَّتها التي تشبهها كثيرًا في الطباع ، و كما يقول الجميع : " نور النسخة المكرَّرة من أسماء بكل شي ! "

و تعلِّق أختي الكبرى كلما لحظت تصرُّفًا من نور الصغيرة : " سبحان الله الماضي يعيد نفسه " و هي التي كانت تجلس معي بصغري كثيرًا حتى أسميتها مربِّيتي ...

إن روان و نور ابنتا أخي سالم هما النسختان المعادتان منِّي بشهادة الجميع ، و لكن روان لإبتعادها عنَّا لا نستطيع الجزم دائمًا ، إلا أن طريقة حديثها و ضحكتها و حتى بعض حكاياتها تؤكد شبهها بي ، لذلك أحرص دائمًا على أن أعطي  تصرفات الفتاتين تفصيلًا دقيقًا و بحثًا طويلًا مع نفسي ، لعلِّي أفهم روحي الصغيرة الملغاة من ذاكرتي تمامًا !!

على كلٍّ يبدو أنني كنتُ مرهقة كثيرًا اليوم ، لذلك تحدَّثتُ أثناء نومي و أنا التي كنت مطمئنة لهدوء هذه الحالات هذه الفترة ، لا بأس يجب أن أتنبَّه لساعات نومي أكثر ...



تعود اليوم زوجة أخي من عند اختها بعد انتهاء أيام العزاء ، تبدو في حال أفضل و الحمدلله ، أُلاحظ أنها شبه تقبَّلت الأمر و إن كانت عينيها تلمعان كلما لمست حديثًا مؤدِّيًا لأخيها ، نحاول أن نلفتها لأمور أخرى فنسأل عن أحوال أختها و بناتها ، و تتماشى معنا بوجه شاحب يصارع الفقد و وجع الفراق ، ثم تسأل بشيء من التعجُّب : " نعم .... تطلَّقت !؟ "

الفتاة نعرفها كثيرًا ، فلا نصدِّق لأنه لم يصلنا أي خبر بهذا الشأن ، و لكنها تؤكِّد ذلك بأسى و تخبرنا بأن الأمر أُعلن ، و أن السبب تدخُّل الأم و الأب بحياة ابنهما و زوجته ، حتى حدثت حادثة حقيرة لكنَّها كانت بمثابة القشَّة التي قصمت ظهر البعير ، خصوصًا و الأمر جرح كبرياء الفتاة فتطلَّقت ...

علَّقتُ بغيض على الخبر : هذا ليس رجلًا الذي يدمِّر حياته لأجل لا شيء !

تردُّ زوجة أخي بأسى : لا داعي لهذا يا أسماء لم يكن هذا نصيبهم ...

أجبت بضيق : أعرف أنه ليس نصيبهم ، و لكن هذا ليس عذرًا ليرميان طفلًا بينهما للشتات ، لأجل ماذا ؟! لا شيء ...



قبل أن أبحر بالأمر ، على القارئ أن يعلم بأنني لست ناشطة في حقوق المرأة و لا أحبُّ منطق أحلام مستغانمي و لست أيضًا في صفِّ الرجل ، كلُّ ما في الأمر أن هذه القضيَّة بدأت تؤرقني ، خصوصًا مع ازدياد الحالات ، و الأدهى و الأمرّ أن الطلاق لا يحدث من البداية ، و من الساعة التي يعلم فيها كليهما أنه لا مجال لإعادة أمجاد الحبِّ بينهما أو حتى إشعال فتيل الودِّ ! ، بل يحدث بعد أن يُصاب الأطفال بحالة نفسية من القلق و يبدؤون بتبنِّي أفكار كبيرة جدًا عليهم ، و بالطَّبع كلُّ هذا بسبب القيل و القال و فعل و ترك و إلى آخره من الخصامات و الإنقسامات داخل المنزل و حتى النقاشات العالية و الصراخ المستمر الذي لا يؤدي إلا لتوتُّر الأطفال و تفاقم المشكلة ، و بعد مرحلة الإنقسامات و الإنفصال الداخلي في المنزل تبدأ مرحلة الحنق ، فتذهب لمنزل أهلها ، أو يعتزل هو المنزل ، و في هذه الفترة تبدأ " عملية النبش " ، فتقول : " هو قد سوا و سوا و لا قلت شي " و يقول هو : " دائمًا تسوي و أسكت له ! " و يبدؤون تبادل التهم عبر آذان من يفضفضون لهما ! ، و يتكرَّم المستمعون بزيادة بعض الكلمات و الأحداث المثيرة بقناع الشفقة و المواساة ، و سرعان ما يتم النشر حتى تصل لأذن الآخر ، و يبدأ الدفاع ! ، و هكذا تستمر الحكاية فترة ليست بقصيرة ، يشعر كل منهما بالحزن على نفسه و حقوقه الغير موفَّرة ، أحيانًا يصل الأمر للفضفضة للأبناء فيتم الفصل و يصبح المنزل عبارة عن فريقين بالفعل ، في حالات ما يعودان بقدرة قادر ملغيان كل المساحة بينهما ، بدون أن يتم حل المشاكل بالطبع ، فقط يتم دفنها بشكل مؤقت ، كي تتفجَّر بعد فترة و تتكرَّر المأساة من جديد !

و في حالات ما لا يعودان ، بل يتَّخذان الطلاق حلًّا و أُلاحظ أن حالات الطلاق تكون عندما يكون الأطفال صغار ! ، المشاكل تبدأ و الأطفال غير موجودون ، و يتم الطلاق بعد أن يولدون !!



يقول الله تعالى : ( و من ءايته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجًا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودَّة و رحمة )

انظر إلى الحكمة من الزواج ( لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودَّة و رحمة )

و في آيات الطلاق يقول الله تعالى : ( أمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف )

و في آية أخرى : ( و لا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا )

في المراجعة آية دقيقة المعنى يقول الله تعالى : ( فلا تعضلوهنَّ أن ينكحن أزواجهن إذا ترضوا بينهم بالمعروف )

متى يمكن المراجعة ؟

متى تكون المراجعة ممتازة و جيِّدة ؟

: ( إذا ترضوا بينهم بالمعروف )

إذًا التراضي مهم ، و العودة دون تراضي يعتبر هباء ...

دفن المشاكل لا ينفع ، ترك القصص العالقة خلف الستار لا يجدي ، لا بدَّ يطير الستار و تتفجَّر المشاكل يومًا ما دام لم يتم حلُّها بعد ، تراضوا بالمعروف ، أوجدوا الحلول ، فتِّشوا عن الحِلق المفقودة ، لا بدَّ من وجود جلسة نقاشية جادَّة ، بعدها يتم أخذ القرار بالفراق أو المراجعة و صفاء ذات البين ، أما العودة تحت غيوم سوداء تحجب شمس الحقائق فما هو إلا حلٌّ مؤقت سيفشل مع شعاع أوَّل ذكرى للمشاكل العالقة ...

يقول الله تعالى : ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به )

حدود الله هي الفاصل بالشرع ...

فيتمُّ الآية بقوله : ( تلك حدود الله فلا تعتدوها و من يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظلمون )

و كم تعدُّوا ، و كم ظلموا ، سامحهم الله سامحهم ...

إتقوا الله في حدوده ، كفى شتاتًا كفى ، إما فراقًا بمعروف و إما مراجعة بمعروف و عن تراض ؛ الغيبة و النميمة و كفران العشير و عدم التأكُّد من الظنون ، كلُّ هذا خطير و تعدٍ لحدود الله فاحذروا و لا تتساهلوا ..

هذه مقالة كتبتها قبل فترة عن الآمر :

{

يا معشر المحبين

أحترم الحب ، و أقدِّر جنونه ، و لكنني أبدًا لا أعترف به عندما يرتبط بالميثاق ، ميثاق على هيئة روح ، وقتها أنسى الحب و العتاب و كل جنون العشاق ، تصبح مشاعر الغضب و العتاب مقززة جدًا ، خصوصًا إذا طالت أذيتها ميثاق الحب البريء ..

أستطيع الإعتراف أنني متطرفة جدًا بالمسألة ، لدي قانون و فيه حالة شاذة واحدة لا غير ( لا تراجع في وجود ميثاق ) و الشذوذ الوحيد الذي أستطيع تقبله : تراجع نهائي دون أذية للمواثيق .

لا يعود الحب حبًا عندما ينتج روحًا ، وقتها ينقلب إلى مصطلح إلزامي لا يجب أن يخبو مهما كان الأمر ، و إن خبا فعليه أن يُفَض مبكرًا دون انتظار لمزيد من الضحايا ؛ و من المؤسف أن الكثيرون لا ينتبهون لهذا المنحنى الخطر ، فيسرحون و يمرحون في ساحة الحب دون أن ينتبهوا إلى أن روحًا ما تدخلت في اللعبة و صارت أكثر خطورة ، بل إن بعضهم تحلو معه لعبة الشدّ و الجذب التي مع كامل الأسف أعتبرها " قذرة " ، نعم بدون أية تصنع للمثالية هي لعبة قذرة لأنها تؤذي أروحًا لم تقم بدورها لكي تخسر ، لكي تتلوث صفحتها بنقطة سوداء قاتمة دون أن يكون لها يد في الأمر !

لذلك دومًا ما أقول لجميع المقدمين على تتويج الحب أن لا يضعوا له المواثيق إن لم يكونوا قادرين على حفظها ، و لا تقل لي أي حالة خاصة ، إن كان يجب على الحب أن يفشل فعلى طرفيه وحدهما الإنكسار ، و سمِّ هذا ما شئت أنانية تطرف عقد نفسية أيًّا ما كان ؛ تقليل الضحايا أولوية ، و هنا ليس فحسب مجرد تقليل و لكنه حصر ، فالضحايا وحدهم هم طرفيّ الحب فقط ، أما بذورهما التي فشلا في سقياها كما يجب فلا يمكن أن تكون ضمن اللعبة السخيفة هذه التي تتشبث بمسمى الحب ، لدى هذه البذور الأحقية الكاملة في العيش دون أسى و بتجاربها الخاصة بعيدًا عن إخفاق ناثريها ...





مسألة الحب تهون جدًا عندما تقف الأرواح في طريقها ، و إنني أتقبل قرار من اعترف بإخفاقِه أمام استمرار الحب بهدوء ، و بدون أذية للأرواح التي تقف بين طرفي الحب كميثاق لم يستطع الإتيان به و حفظه كما ينبغي ، فقرر أن يترك الحب في محطة لن يعود لها أبدًا ، بدلًا من أن يعيش وهم الحب بالشدِّ و الجذب الذي سيخلف آثارًا سوداء في حياة تلك الأرواح الصغيرة ، تلك الأرواح يجب أن لا تتأذى من هذا الحب ، ستتفهم أن الحب الذي كانت نتاجه مات ، و لكنها أبدًا لن تستطيع إحتمال أنه يموت و يحيا و يعصف بها عصفًا تحت شعار نضال الحب الأبله ، و الذي لا يُعترف به في ظل وجود أرواح مسكينة تشهد معارك طاحنة و تخلِّف في قواميسها مفاهيم مؤذية جدًا ، أكثر مما يتصور طرفيَّ حب حتى ؛ بل إنه في لعبة الشدِّ و الجذب يتغير المفهوم ليصبح وهم حب فحسب ...

يا معشر المحبين ..

إتقوا الله في مواثيقكم ، حافظوا على سقياها ، فإن نفد مخزون الحب الذي يتغذون منه فلتتراجعوا دون عودة ، دون أذى ، دون نقاط سوداء ؛ بين أرواحكم بذور مشرقة أستحلفكم بالله أن لا تهملوها و لا تقتلوها ، انسَوا الجبن عندما يتعلق الأمر بها ، اتخذوا قرارًا حاسمًا عندما تواجهوا مصيبة عدم مقدرتكم على تغذية حبكم ، كونوا ضحايا كما كنت أرباب هذا الحب ، و لا تؤذوا مواثيقكم فإنها متعلقة على رقابكم يا أصحابها ... }







إلى الجميع دون استثناء :



( و عمِّروا منازلكم بالحبُّ و الرحمة ، و بالبذل و الإحسان يتجدَّدُ الودَّ بينكم ، و احذروا من العيش على الأنقاض ، فلن تتنفسوا كما تظنون و لن تحيوا كما تعتقدون ، ربما ستعيشون على هيئة أجساد خاوية لا تمتُّ للحياة بِصلة ، و ستؤذون أرواحًا كثيرة و ستدفنونهم أحياء ، فاتقوا الله في أنفسكم و فيهم ...

أمَّا إذا شُنِق الحبَّ باللا وفاء ، و خمد الودُّ بعدم العطاء ، و ماتت الرحمة في النفوس فلا داعي للنضال ، و لا جدوى من الكفاح ، فهو حينذاك أشبه بالحفر وسط البحر )




 




الصورة من رحلة إلى منتجع " العروسة " مع معلِّمات المركز ، هذا خط إحدى الزميلات هناك 💌👆

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv