في 2015
كنَّا في المدينة
الخضراء بعد أن نزحنا من منطقتنا_ المعلا _ لإحتلالها تمامًا من قبل الحوثيين _
نعوذ بالله من شرورهم _ ، و كانت المدينة الخضراء لا زالت مع المقاومة و هادئة
نوعًا ما ، فنهارًا تكون الأوضاع طبيعية جدًا ، و لكن في الليل تبدأ حفلة الصواريخ
و قذائف الهاون التي تمرُّ من فوقها لتصل لمناطق أخرى بصوت مشنِّج للأعصاب و لا
ترتخي إلا عندما يصل و تتأكد أنه لم يصيبك بحمد الله !
و في العصر من الأيام
هذه كُنَّا نتوسل أمي أنا و أخي للخروج للسوبر ماركت في نهاية الحارة المجاورة ، و
لم تكن امي تسمح بهذا دائمًا و لكنَّها كانت تستسلم عندما نكون في الحضيض من الحزن
، و بعد أن توصينا وصايا عدة نخرج فَرِحين و جاهدين على نسيان كل شيء سوى نشوة
شراء الحلويات و البطاطس المقرمشة !
و آخر مرة قبل
مغادرتنا المدينة ، خرجت أنا و أخي إلى السوبر ماركت كالعادة و قد كانت المواد
الغذائية تقلُّ كل يوم ، و لكن على أية حال اشترينا بعض من المتواجد ، ثم سرنا في
طريق العودة للمنزل ، و كنا في طريق العودة نمرُّ بفيلا الدكتورة التي تمتلك 6
كلاب على الأقل أمام البوابة ، قد كانت كلاب شرسة جدًا _ كحال الكلاب في تلك
الفترة _ و كنت أتحاشى طريقها دائمًا و لو اضطررت إلى دخول حواري أخرى للوصول
للمنزل ، و لكن في ذلك اليوم و قبل أن نصل لموقع الفيلا أصر أخي على العودة للحارة
السابقة متعذرًا بأنه رأى والدي فيها ، و عندما لم استطع منعه هددته بأنني سأمشي و
لن أنتظره _ و يا ليتني لم أفعل _ ، و مشيت ببطء ما إن ذهب ، و فجأة انتبهت للكلاب
التي أحاطت بي ، و نبح أحدها و كأنه يتأكد مني هل سأخاف أم لا ! ، و لم استطع
السيطرة على قدماي و مشيت بخطوات مسرعة و قد كنت أعلم أن أكبر خطأ هو الأسراع أمام
كلب يتحرش بك ، و فجأة حدث كل شيء بسرعة و وجدت نفسي أركض بقوة و كل الكلاب خلفي
تنبح بصوت مرعب ، و بعد مدة قصيرة من الركض قررت أن لا فائدة منه فهم لن يتركوني ،
و قررت إلتقاط حجر من الأرض ، و ما ان تجرأت على الإنحناء قليلًا حتى واجهني فم
الكلب المفتوح على وسعه و كأنه جاهز لعضِّي ، فشهقت برعب و عدت للركض بكل قوتي و
قد بدأت بالبكاء فعلًا و بصوت عال أيضًا ، لأن الحارة كانت هادئة تمامًا سوى من
ضجتي أنا و الكلاب و خيِّل ألي أنه يومي الأخير ثم سأكون جثة هامدة تأكلها الكلاب
وقت الحاجة ، عند هذه الفكرة جننت حقًا ، و قررت أن أطرق أي باب كي ينقذني أي أحد
و لكن كل الأبواب بدت بعيدة جدًا و شعرت بأنني لن أصلها أبدًا ، و ظللت أركض و هي
خلفي لمدة خمس دقائق تقريبًا ، ذرفت فيها دموعي بسخاء ، و تخيلت فيها كل النهايات
البشعة المحتملة لي ، دخلت حواري لا أعرفها و لأول مرة أراها ، و لم يكن لأجد
أحدًا على الطريق ينقذني منها ، كان الناس و كأنهم ميتون ، و فجأة ظهر أخي الأكبر
بلباس المنزل من إحدى الزقاق و أمسك بي من كتفي و هتف ضاحكًا : " اهدأي اهدأي
فضحتينحنا " !
و أجهشت بالبكاء و قد
غطيت وجهي بكفاي ، و بقي هو يرمي الكلاب بالحصاة حتى يأست و ابتعدت ، و عاد يسندني
إليه عائدًا بي للمنزل و هو يحاول التخفيف عني بالمزاح قائلًا : " فضحتينحنا
يا أساامي أشوف من البلكونة وحدة لابسة أسود و تجري زي المجنونة "
فضحكت من بين دموعي
على طريقته في وصفي ، و أردف هو : " قلت لأمي أش ذا يمه أش حصل بالبلاد ، من
دي الهبلا اللي تجري بدون إحم و لا دستور ؟! تقولي أمي و هي متفاجأة دي أسماء روح
شوفه الكلاب وراها اجري اجري ، تخرجينا بدي التياب الله يهديك ناوية تهدمي صورتي
الأنيقة "
و ظل يخفف عني حتى
وصلنا المنزل ، و فوجئنا بأخي الصغير يعود مع أبي و توعدته بصمت ، و عادت أمي تحكي
كيف رأتني و كم كان منظري مضحكًا ، فحمدت الله على خلو الشارع من الناس و قمت
أتناسى خوفي بالضحك معهم و قد نويت أن أوبخ أخي كثيرًا على تركه لي ..
من بعد هذا الحادث
زاد خوفي من الكلاب ، و أصبحت لا أستطيع السيطرة على نفسي عندما أصادفها في الشارع
، و كم حدثت لي من مواقف مزرية بسببها ، فمرة كادت سيارة مسرعة أن تدهسني بسبب ظهوري المفاجئ أمامها لولا أن السائق
أوقفها في آخر لحظة ، و مرة اصطدمت بأحدهم لركضي الذي أعتبره وقتها هرولة محترمة !
، و مرة تعثرت و سقطت على الأرض لأنني كنت أنظر إلى الكلب في الشارع المقابل و
أقيس المسافة بيننا ! ، و كلها مواقف سيئة يصل بعضها إلى أن أبكي بعدها من الخجل
أو الخوف !!
حاولت مرات عديدة أن
أتخلص من هذه الفوبيا و لكن لا جدوى ، فما إن أصادف كلبًا في الشارع حتى أفقد
صوابي ، و أنشغل به فتارة أقيس المسافة التي تفصلني منه ، و تارة أهرول للإبتعاد
منه ، و هذا بالطبع من دون أن ينبح فإذا بدأ بالنباح فلن ترى غير الغبار الذي
يخلفه ركضي !
و في موعد النوم أبقى
أتقلب على سريري بقلق من نباحهم الذي يوترني ، و أردد كل الأذكار التي أحفظها ، و
لا أنام إلا إذا ناموا هم أو ابتعدوا من حارتنا !
و هذه الأيام إلى
جانب شحة نومي فإن الكلاب تأتي لتقتل محاولاتي الحثيثة للنوم ، تأتي كلاب الحارة
التي بجانب حارتنا و تأتي كلاب أخرى غريبة ، فيبدأ النباح و كأنهم في نقاش مهم عن
من سيسيطر الليلة على حارتنا بما أنه ليس فيها كلاب _ من حسن حظي _ ، و يتطور
الأمر من مجرد نباح إلى زمجرة و أحيانًا شجار و ركض ، و فجأة أجد نفسي مندسة تحت
الغطاء و لساني يلهج بالأذكار و الآيات التي أحاول بها تهدئة روعي ، و ما إن أهدأ
قليلًا حتى أكرر بعقلي :
" لا شيء مخيف ، أنت قوية قوية ، هيا نامي " !
في النهاية يجب أن أستغرق ساعة على الأقل في الفراش ، و عيناي مغلقتان و أنفاسي منتظمة ، أبدو هادئة جدًا و لكن في رأسي فوضى عارمة لا تهدأ ؛ أكتب رسائل ، أفكر بتدوينات ، و ينزل على رأسي الإلهام الكتابي ، أتخيل مواقف ، أتخذ قرارات ، و أنوي تجربة أشياء جديدة في الصباح ، و لكن في الصباح أنسى كل شيء و تتكرر المشكلة كل يوم بلا حل فعلي 😕
يا إلهي!
ردحذفالموقف مُرعب 😐
لي قصة مع فوبيا القطط لكن الأمر الآن أفضل بكثييير من سابقه الحمدلله :)
بشأن الأرق و الأفكار الكثيرة التي تأتيكِ قبل النوم فأنا أقترح وضع دفتر صغير بجانب سريرك و كلما راودتك فكرة تكتبينها فيه، خصوصاً بشأن التدوينات و التجارب الجديدة فأنا أيضاً يحصل معي ذلك أحياناً فأكتب الفكرة قبل أن تطير في الصباح!
دمتِ بخير و عافية يا رب🌸
نعم مرعب للغاية 😪
حذفآه بالنسبة للقطط لدي قصة مرعبة أيضًا ، اكتبي لنا عن تجربتك يومًا ، لقد كنت صديقة القطط و علاقتنا جيدة لكنها تكدرت بعد ذاك الموقف ، فأصبحت علاقتنا نظرات خائفة و خطوات سريعة مبتعدة ، تفرقَّقت دروبنا😅
أحيانًا أستخدم الدفتر ، و لكني غالبًا افضِّل مناقشة الفكرة كثيرًا ، ذلك لأن أفكار الليل خيالية جدًا إذن مناقشتها في عقلي بدلًا من السهر على الشجون أفضل من حيث معرفة جديتها و امكانيتها 🙂
دمتِ بخير نسرينة ، سعيدة بتواجدك هنا ، و اعتذر لعدم تنبُّهي لتعليقك إلا متأخرًا ، فأنا جديدة على عالم المدوَّنات 🌷