4‏/4‏/2020

# 2020 # دوامة الآس

كُـن بطوليًّـا في حق نفسِـك أولًا


في كل مرة يمر موقف مستفز لأعصابي ، و أجاهد كي أبدو غير مهتمة ، ثم بعدها يدركني مزاج سيء و أعصاب مشدودة أتأكد أنني لست قادرة على احتمال الإستفزاز ، و أن برودي أثناء عملية استفزازي لا يجدي في تفادي آثارها ، بل يجعل أعصابي مشدودة مدة أطول ربما من مدة الإستفزاز نفسها !


أحيانًا يكون موقفًا بسيطًا و لكنه مستفزٌ لي جدًا ، مثلًا تمر أختي و تكتشف حركة تستفزني ، فتقوم بها كثيرًا في محاولة لإثارة أعصابي فقط لا غير ، و لكن هيهات من العناد الذي يعتريني وقتها فأرتدي قناعًا باردًا تمامًا و غير مهتم أبدًا و ربما حتى ضاحك بدون مبالاة بكمية الإستفزاز الهائلة !
و لا تلبث أن تتوقف عن فعلها عندما ترى حالتي الهادئ و الذي يستحق جائزة نوبل في كضم الغيظ !
و لكن ما ان تتوقف ، حتى تبدأ أعصابي بالتشنج ، و يبدو مزاجي معكرًا للغاية !
أظن أن غيظي ينفجر بداخلي ، فلا أعود راغبة بأي شيء ، و أفقد القدرة على الكلام ، و أشعر بغضب كبير من نفسي لم كظمت غيظي منها و لم لم أقم بلكمها أو الإبتعاد عنها و إعفاء نفسي من الموقف البطولي في التجاهل !

أتساءل لم يجب علينا أن نخبئ شيئًا ما بداخلنا و نمنعه من التنفس و الظهور ، فنفرض عليه التعفن !
أي شيء ، حكاية ، شعور ، ذكرى ، موقف ، جانب حياتي ، فكرة ، أو ميول !
لماذا يجب أن نظهر بالشكل البطولي اللحظي ذاك ، ثم لا نلبث أن نرى آثار ما خبأناه بداخلنا يعيث فسادًا !
لم نقدم الموقف البطولي أمام الآخرين على بطولتنا أمام أنفسنا بالتخلي عن كل الزيف و الغموض !

حسنًا .. أنا لا أعني تلك الأشياء التي لم يستدعيها الحديث بالطبع ، أنا أعني طريقة المراوغة ، طريقة الكذب ، و طريقة التمثيل المتقن جدًا !
لماذا كل هذا التعقيد الذي ننتهجه تجاه دواخلنا !
فمثلًا .. لماذا لا أخبر فلان أنني أحبه فليبقى بجانبي ، أو أخبر فلانة أنني لا أستلطفها فلتبتعد عني قدر الإمكان !
لماذا يجب أن نتحمل و نتحمل ، و نهدر طاقتنا في الإخفاء !
لو أننا وفرنا هذه الطاقة المستهلكة في شيء أفضل كما الحب و العطاء و الاهتمام لكانت الكراهية أقل و الغضب أيضًا أقل و الإستياء !


إننا بشر غريبو الأطوار !
نهوى التعقيد في كل شيء ، و نحب دائمًا أن نبني بيننا حواجز كثيرة و حدود مبالغ بها ، نحرص دومًا على أن نكون في مواقف بطولية مهما كانت مؤذية للذات التي بداخلنا ، نرهقها بالحب الأعمى ، بالمقت الشديد ، و نجعلها تعيش صراعًا مع الشعور بالذنب أو الندم ، لأننا دائمًا نسعى للبطولة ناسين أن البساطة و الصراحة أجمل بطولة في حق أنفسنا !

لذلك تجد الكثير من الذين رحموا أنفسهم بالصراحة تجاه كل شيء لا يعانون كثيرًا من الشعور بالندم و لا بالذنب ، لأنهم كانوا بطوليين في حق أنفسهم !

و أنا لا أقصد الوقاحة ، فالشعرة التي تفصل بينهما هي التوازن ، فأن تكون بطوليًا في حق نفسك يعني أن تقول الصراحة مع مراعاة الآخرين بها ، بدون أذيتهم لأنك إن فعلت فستشعر بالذنب طبعًا ، و عندما تقول الصراحة يجب أن تعرف مكانها و متى يتوجب عليك قولها لأنك إن صرحت بشيء ليس وقته أو ليس لك به شأن فبالتأكيد ستشعر بالندم فيما بعد على تدخلك في ما لا يعنيك أو في وقت غير مناسب !

إن كنت تريد أن تكون بطل في حق نفسك ، فعليك أن تراعيها و تراعي الآخرين معها و هو أمر ليس صعب و لكن بعضنا يفرِّط في حق نفسه و الآخر يفرِّط في حق الناس ، و الصواب هو التوازن ، فتصارح دون أن تجرح ، و تفيد دون أن ترهق نفسك ، و تحبُّ الآخرين دون أن تنسى نفسك !


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
هل قرأته جيدًا ..
انتبه ففيه فقرتان و به من جوامع الكلم التي يتكلم بها رسولنا عليه الصلاة و السلام !
الفقرة الأولى : أحبب أخيك _ و الأخوة هنا بالإسلام و ليس بالدم _ .
الفقرة الثانية : أحببه كما تحب نفسك ، و يعني أن لا تحب نفسك أكثر من أخيك ..

تحب نفسك و تحب أخيك في نفس الوقت و نفس القدر ، لديك القدرة على ذلك _ لا تقلق _ ، إن أردت أن تؤثره مرات فهو من حسن خُلُقِك ، و إن أردت تقدم نفسك مرات فلا بأس في ذلك و لكن ساوِ نفسك به .

المسألة سهلة للغاية و مضمونها المساواة و التوازن ، فالإفراط تعلق بغير الله و هو لا شك يؤذي عقيدتنا ، و التفريط عُجب و أنانية قد توصلنا إلى الكبر الممقوت و ستؤذي الآخرين و المقربين منا ...




على كل ..
كن متوازنًا في كل شيء ، دع الإفراط و التفريط ، و تصالح مع ذاتك تتصالح مع الآخرين ، كن بسيطًا ، بطلًا في حق نفسك و لا تنتظر نظرات الإعجاب كي ترتدي الفخر ، كن فخورًا بنفسك مهما كانت إنجازاتها بسيطة ، تذكَّر دائمًا أنك مخلوق مكرَّم بالعقل و التفكير ، و مميز بالقدرة على الإنجاز فلا تعجزَّنَّ ما دمتَ حيًّا ~


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv