لدي علاقة وطيدة مع
الأركان !
و منذ صغري أنجذب لها
، فدائمًا ترى أي ركن في المنزل مملوء بأشيائي ، ملابس ألعاب دفاتر قصص أي شيء
يخصني !
عندما أدخل مجلسًا
تأخذني أقدامي للركن و أحيانًا للمقعد الأقرب للركن ، و عندما أريد الأكل من كعكة
تكون القطعة الركنية هي الأشهى ، خزانتي في الركن و سريري الأقرب لركن الغرفة ...
في صغري كانت أمي
توبخني كثيرًا من الفوضى التي أحدثها بالزوايا الفارغة ، و كم أخبرني أبي بأن
الملابس مكانها الدولاب و ليس الركن الذي يفصله عن الباب ! ، حتى يئس الجميع من
تغيير رأيي ، أو إيقافي عن هذه الهواية الغريبة ، و أنا لم أتغير مهما كبرت ، صحيح
بأنني أدركت أن الدولاب للملابس ، و أن المكتبة للكتب و الدفاتر ، و أن صندوق
الألعاب هو المكان المنطقي لها ، و أصبحت أضع كل شيء في مكانه خصوصًا و أنني أتوتر
مع الفوضى الكبيرة ، و لكن مع هذا فيجب أن تجد حتى اللحظة في أي ركن شيء بسيط
يخصني مكونًا فوضى صغيرة !
أحيانًا أشك بأنني
فوضوية كما يقول الجميع ، و أقول لنفسي بأن عائلتي حكمت علي بالفوضوية فقط لأجل
حبي الكبير للأركان ، و لكنني لا أستطيع أن أكذب على نفسي و أقول بأنني منظمة ، لأنني مهما توترت من الفوضى و انزعجت منها ،
إلا أنه دومًا ما يكون لي موقعًا محصورًا مخصصًا للفوضى !
مثلًا : يكون سريري
منظمًا و لكن يجب أن يكون عليه بعض الفوضى ، قلم و مفكرة أكتب بهما ، جهاز اللاب
توب أتصفح بعض المواقع فيه ، بطانية الكروشية التي أعمل عليها ، زيت اللافيندر
للحالات الطارئة من التوتر ، و ربما كوب شاي !
الذي أنا متأكدة منه
أنني شخصية ملولة ...
فمهما أحببت النظام
إلا أنني أملُّه ، فلا ألبث أن أضع بعض اللمسات المشاغبة عليه كي يعطي طابعًا
للحياة و التجدد .
و لست فوضوية كما يقال
_ و إن كنت أشك في ذلك _ ، لكنني لا أحبُّ الأشياء المتراكبة و التي لا تعرف أولها
و آخرها ، و لا أحب التغيير الدائم و لا الخطط المفاجئة و لا أن أعمل دون خطة .
عندما أعمل يجب أن
تكون هناك خطة بدون تفاصيل ، أعني أن تكون هناك قائمة بالأهداف و الخطوات ، أما عن
الوقت و الكيفية فأحب أن أكون بهما حرة .
و أبسط مثال هو
الجدول اليومي ، و هو الشيء الذي جربته مرارًا و تكرارًا و لم أستطع تطبيقه مهما
حاولت ، و هو الأمر الذي جعلني أصدِّق أنني فوضوية ، فكل صديقاتي كانت لهن جداول
يومية و يمشون على نظامها إلا أنا أخفق في كل مرة ، حتى قررت أن أجد حلًا لهذه
المشكلة التي تجعلني أشعر بالنقص أمامهن و أمام أختي التي قد تتقيد بجدول أسبوعي
دون اية مخالفات ، و منذ فترة بسيطة عرفت الحل أخيرًا و هو أن أضع جدولًا بغير
ساعة ، يحوي الأشياء التي أريد إنجازها و الأعمال التي يجب أن أقوم بها ، و يجب أن
يكون هذا الجدول متجددًا بشكل مرتب ، ففي كل ليلة أراجع أدائي لجدول اليوم ، و
أقوم بعمل جدول لليوم التالي و هكذا .
بصراحة المسألة ليست
سهلة أبدًا ، و كتابتي عنها تعني كم هي مرهقة بالنسبة لي و جعلتني أشك بوجود علة
في توازن عقلي ، و لكنني اطمأننت عندما عرفت النقطة المهمة التي تجعلني أخفق مع كل
جدول ، و مع أنني إلى اللحظة لم أنتقل لمرحلة كتابة هذا الجدول الحر إلا أنني
راضية تمامًا بالإجتماع الليلي مع عقلي حول برنامجي ، و ما يحدث فيه من توبيخ نفسي
لإهمال قمت به أو نفسية عالية بإنجاز مهم !
راضية بالذات التي
بداخلي ، فوضوية كانت أو حازمة بالنظام ؛ بكل الأحوال سأجدها و سأتصالح معها مهما
طالت غربتي عنها ..
أخيرًا أعترف .. :
( كُـنـتَ الـرُكـنُ
المضـيء لِعُـتمتِـي )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق