4 رمضان 1441 هـ
كان اليوم سريعًا ، و
ما شدَّني اليوم هو موقف مؤسف للحق ؛ بعد انتهاء الصلاة و عندما كنا خارجين من
البوابة إلى سلالم المسجد ، انقطعت الكهرباء ، بل الأصح أن المولد الكهربائي انقطع
، و أظلم المسجد تمامًا مع السلالم ، هي ليست المرة الأولى و ليست مشكلة أبدًا ،
فقد بادرن النساء بتشغيل المصباح في هواتفهن و انتهت نسبة كبيرة من المشكلة ، على
كلٍ بينما كنت في بداية السلالم _ مع العلم أن مصلى النساء في الدور الثالث _ و في
الإزدحام ذاك قالت واحدة بتذمُّر : " اوووف على الأقل بينتظروا لما ننزل !
" ، ابتسمت و قبل أن أرد عليها ، تابعت بجملة جعلت ابتسامتي تتلاشى : "
هيا شوفوا الإنتقالي " !
سكتُّ متأسفة لحالها
و قلت بصوت خافت أردت به أن أختبرها اختبار الجحود و الشكر : " احمدي الله
يختي ، بطلوا نكران "
و بشكل متوقع ردَّت
بشيء من الخجل و إن لم تظهره : " يالله الحمدلله " ... !
لن أعتب عليها ، و لن
أغضب منها ، رغم أنني أتأسف لها شديد الأسف ، فهي قد سقطت في خدعة الخوف و عدم
الثقة و نست الشكر ، هي من تلك الفئة في هذه المدينة ، الفئة التي فقدت الثقة بأي
أحد ، لم تعد تدري من تريد ، بل الأصح أنها لم تعد تريد أحد يحكمها أو يدير شؤونها
، و كلُّه بسبب التجارب السيئة مع ذوي المناصب ، هذه الفئة نهشها القلق تراهم
ينظرون إلى كل ذي منصب على أنه مبتز و أنه يسرق حقوقهم فقط و هذا بالطَّبع لم يأتِ من فراغ ، بل من تجارب طويلة
المدى أدت إلى تدمير ثقتهم بهم ، و أنا لهم آسفة عوضًا عن من لم يتأسف ، و عوضًا
عن الظروف التي جعلت منهم أناس خائفون و قلقون على الدوام ؛ و لكن على أية حال
فعليهم أن يتجاوزوا هذه المشكلة ، و سيتجاوزونها بإذن الله في الغد الأفضل الذي
بات أقرب...
الشُّكر سمة عظيمة للحد الذي كانت فيه صفة و إسمًا لله تعالى ، و كم من أمور
تحسَّنت بسبب شكر ، و كم من علاقات تطوَّرت بسببه ، و كم من مشاكل استوت بالشكر ..
كُن شكورًا ..
فإن لم تستطع فتعلمه
تعلُّمًا !
هناك قاعدة في الشرع
مهمة و هي : " بالشُّكر تزيد النعم "
و أخرى تقول : "
الشكر وقود النعم "
و كلاهما تحملان نفس
المعنى ، إلا أن الأخيرة أعمق معنىً ، و هما واضحتين كالشمس ، صادقتين كالصبح ،
مهمَّتَين كالهواء .
استخدم الشكر كثيرًا
و ستجد علاقاتك أفضل ، و ستتيسر أمورك أكثر ، و ستصبح ذا سمعة حسنة و صيت محمود ؛
فإن أردت أن ترفض فقُل : " لا ، شكرًا لك " ، و إن أردت أن توافق فأتبعه
بشكرك ، أكثِر من شكرك تنهال عليك المساعدات، و يتفنَّن الآخرون في خدمتك ، و تكسب
حبَّ الناس لك بكل صدق و نقاء ، صدِّقني بشكرك ستتبدل كثير من الأمور ، فإذا ما
شكرت أحدًا آذاك فسيخجل و سيكف عنك أذاه _ بالطَّبع إن كان لا يزال إنسانًا _ ، و إن شكرت من أفادك فسيحرص على مزيد من
الإفادة ، بشكرك ستزهر قلوب قاحلة و ستحيا آمال خامدة و ستحدث تغييرًا كبيرًا دون
حتى أن تعلم !
إقرأ
بتمعن
قال الشَّكور تبارك و
تعالى : " و إذا مسَّ الإنسن الضُّرُّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلما
كشفنا عنه ضرَّهُ, مرَّ كأن لم يدعنا إلى ضُرٍّ مسَّه "
إنتبه
إن كنت غير قادر على شكر الناس ، فلابدَّ أن تشكر الله ، و
لابدَّ أن تستمر في شكر النِعم ، و احذر أن تقع في كفر النِّعم و الجحود بها فالله
قادر على أن يُفقِدك إياها ، و إن تطوَّر مشوار جحودك فستقع في إحدى الكبائر
العظام و ستلزمك توبة نصوح و إقلاع نهائي عن هذا الحوب العظيم .
المسألة ليست عابرة ، و عندما أقول لك : " تعلَّم أن
تشكر الناس " فهذا ما سيساعدك على أن تكن كثير الشكر ، لاهجًا بالحمد ، و
صدِّقني قليل الشكر للناس أو جاحدهم مذموم و مروءته مثقوبة و لن يقبله الكثير ..
ركِّز
قوله تعالى : " فاعبد و كُن من الشكرين "
و قوله : " و اشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون
"
و أيضًا : " فهل أنتم شكرون "
و : " سنجزي الشكرين "
يحثُّنا الشكور على الشُّكر ، يشكرنا و هو أحقُّ بالشُّكر !
· * إقتباس من كتابِ لأنك الله لعلي بن جابر الفيفي _ حفظه الله
_ في إسم الله الشكور :
( ليس هناك إحتمالية خسارة في سوقٍ الله من يسيِّر أمرها ، فكن معه
ثم ارقب أفضاله و شكره .. لن يتركك ، ثق بذلك ، لن تسجد سجدة إلا و يشكرك عليها
شكرًا يليق به و بكرمه ، فقط كُن معهُ .. )
هذا هو الله الشَّكُور ، أمَا آن لك أن تكن عبدًا شكورًا
للشَّكور .؟!
راقب أعمالك الصالحة و ستجد كيف يشكرها الشكور بشكر يليق به
سبحانه ، و راقب أفعال الناس لك و اشكرهم ، كُن عونًا لهم في مزيد من الصالحات ،
شجِّعهم عليها ، لن تخسر ، أؤكد لك ..
ستربح.
رسالة اليوم إلى كل الشاكرين ، إلى
أصحاب الألسنة العذبة ، إلى من عمل على تطوُّر في المساهمة بشكره ، إلى من شكر
بكلمات حُلوَة و شجَّع بكلمات لطيفة :
( شكرًا لكم لأنكم شاكرين ، لإنَّكم
لم تكونوا جاحدين ، لأنَّكم ساعدتم في بناء الثقة ، و ساهمتم في رفع مستوى البذل ،
و شاركتم في إحياء الآمال الذابلة ، قُبلة على هاماتكم ، و شَكَر الله لكم ، و
كثَّر من الشاكِرين )
و هنا شمعة أعطيها لكل من فقد الثقة
في أولياء الأمور على مدينة عدن الحبيبة و الجنوب العربي بشكل عام :
( كونوا مع الله و اشكروا الناس
تكونوا من الشاكرين ، و لا تقلقوا فالله معنا و لن يدوم الظالمون ، و تذكَّروا أن
الناس لا يستوون ؛ ألم نقل : " و الله مع الصابرين " )
و كرتٌ أحمر أعطيه لكل من يريد
بالجنوب العربي سوءًا :
( الله معنا ، ثم قيادتنا الحكيمة _
وفَّقها الله _ ستكون لكم بالمرصاد )
من جلسة تصويرية بالأمس ، و هي السبب في نسياني التدوينة حتى تذكرتها متأخرة 😅👇
سأتمنى أن يسعفني الوقت و أكتب تدوينة خاصة بتفاصيل جلسة التصوير المتواضعة هذه ، و أرفقها بكل الصور 😀✌
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق