
إما ان احطم الساعة أو أقتلع عيناي !
و يبدو أنني لن أفعل أي منهما !
فالساعة هذه اشتريتها خصيصًا لأضبط وقت ذهابي و عودتي من العمل ، و عيناي الشيء الذي أحبه بملامحي !
تعبت من النظر إلى الساعة و مشاهدة عقاربها تركض دون انتظار ، أعصابي تكاد تتلف ، فالشيء البسيط يأخذ على أقل تقدير 5 دقائق ، و أما المواعيد فقد أصبحت تأخذ 3 ساعات كأقصر موعد !
نصف ساعة للتجهز باختصار !
ربع ساعة للوصول ، ربع ساعة أخرى للحالات الطارئة و الحرجة كسائق بليد لا يهتم بالمواعيد ، أو ازدحام الشارع !
و الوقت لا زال يسابقني ، أحيانًا يحدث أثناء تجهزي أن ألقي نظري إلى الساعة عشرات المرات كي أحسب سرعتي ، و بالطبع هذه النظرات تأخذ أحيانًا دقيقة للبحث عن الساعة أو استيعاب عقاربها ! ، أصبح النظر إليها كابوس بالفعل فكل مرة أنظر إليها أعترف بأنها سبقتني و انني بنظراتي المتكررة لها أتأخر أكثر !!
عملي يبدأ في 3:30 مساءً ، و اليوم وصلت إليه بشكل مأساوي في الساعة الرابعة ! ، بالطبع كان مأساوي فقد كنت جاهزة على عادتي في الساعة 3:15 ، و لكن بما ان ذهابي بسيارة العائلة فقد كان علي الإنتظار ريثما يستعد الجميع ، و يجب أن يكون من بين الجميع المستهترين بحرصي على موعدي ! و في الحقيقة لقد صنعت كوبًا من القهوة و ذهبت إلى بقالة الحارة و اشتريت بعض الأشياء حتى أصبحو جاهزين ! ، و ما ان ركبنا و بدأت المأساة من سبات السيارة الذي لا تريد ان تصحو منه ! ، و بعد دقيقتين محاولة استيقظت بكسل و بقي أخي دقيقتين كي يتأكد من صحوتها ! ، كل هذا و انا احترق في مقعدي مع كوب القهوة !
مررنا على محطة الغاز و لا يجب أن أخبركم كم يستغرق الأمر مع عامل متكاسل ! , أخيرًا تم الأمر بعد أن تأملت كل الأشياء حولي بمحاولة لكتم قنوطي الذي لن يعجب والدتي أبدًا ، و انطلقنا و لكن لم تنته المأساة بعد ، لقد تفاجأ أخي بمؤشر البترول و قرر العودة للمحطة و ملأها ، و ما بين توبيخ أمي على عدم سماع أخي لها منذ البداية و بين أخي الذي يخبرها أنه لم ينتبه إلى المؤشر قبل الآن ، كتمت غيظي بصعوبة ، خصوصًا عندما شيعتنا نظرات أحدهم المتعجبة عندما رأى السيارة تعود أدراجها ، قرأت كل الأذكار التي أعرفها عند محطة البنزين ، و تجاهلت سماجة العامل ذو المزاج الرائق و الهادئ عكسي تمامًا !
و بعد أن ملأها عادت ست الحسن و الجمال لسباتها ، شتمتها بداخلي هذه السيارة ، و انشغلت أرتشف من كوب قهوتي أسكب حرارتها على حرارة أعصابي ، و أخيرًا قررت أن تصحو بعد أن وقف شاب ما و أعطى لأخي بعض التعليمات التي أيقظتها من غفوتها ثانية ، و استأنفنا رحلتنا العصيبة ، و ما إن تبدَّى لي مبنى العمل و نقل أخي نظره في المكان بحثًا عن موقف ، حتى فلتت كلماتي بطريقة حازمة بالتأكيد أغاظتهم : " بنزل و انتو بركنوها "
و هرولت دون أن أسمع تعليقهم ، شعرت برغبة بالبكاء عندما رأيت أن الأولاد في حالة يرثى لها من العشوائية و فتاة تبدو في العاشرة تحاول أن ترتبهم ! ، تجاهلت المعاتبين لي على تأخري و كررت بإقتضاب : " ليس بيدي "
صليت بعد أن أشرت لها أن تستمر بترتيبهم ريثما أنتهي من صلاة العصر ، حاولت جهدي أن أركز في صلاتي و أن أسرع في نفس الوقت ، و بعد أن أتممت صلاتي قمت إلى أولادي ـ كما أحب أن أناديهم ـ و قبل أن أقل شيئًا ، رمقني علي الصغير بنظرة لها معنى قائلًا : " تأخرتي ، سبقناك " !
لا تنقصني يا حبيبي ، لا أريد أن أنفجر بوجهك ، و لكني لم استطع أن أكون هادئة عندما قلت : " مش بيدي ، انا كنت جاهزة من زمان ! "
و عندما رأيت التعجب يعلو وجوههم من نبرة استيائي ، زفرت في محاولة لأكون هادئة و أنا أقول : " أنا ازعل منكم لما تتأخروا لأن بيوتكم قريبة من هنا ، أما أنا أجي من منطقة ثانية فهمتوا ؟ ، و آسفة على تأخري اليوم ، السيارة خربانة "
و لكن للأسف لم أكن بمزاج جيد لأسمعهم يتناقشون باهتمام عن منطقتي ، فصرخت بـ " سكوووت " و بدأت الحصة عندما أدركت أنهم استوعبوا أخيرًا مزاجي المعكر و لن يجرؤ أي منهم على المشاغبة و انا بهذه الحالة !
و مع بدئ الحصة الثانية كنت قد بدأت أتناسى ما حدث ، خصوصًا مع ضجة الأطفال التي تنسيك كل شيء ، و ركزت على طريقة شرح الأشياء لهم ، و لكن عندما أتذكر فهو يوم مأساوي حقًا ...
و الوقت فيه كان كابوس مريع , ترى ما الحل لعيناي التي لا زالت تطيش إلى الساعة كل دقائق ، متسائلة بحنق " ماذا أنجزت خلال هذه الدقائق ؟! "
و تأتي نهاية اليوم و موعد النوم ، فأقول باستياء : " يا إلهي لم أنجز شيئًا بعد لتنتهي إيها اليوم العجول ! "

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق