25‏/3‏/2020

# 2020 # ركنٌ مضيء

عندما حملتك حبات المطـر 🌧


يهطل المطر و يحملك بين حباته !
تمتلئ الطرقات و تغرق مدائن قلبي بذكراك !
أُصَابُ بخوف ، برجفة و أشعر برغبة في الصمت للابد !
أفقد الأحرف و أتوقف عن استعمال الكلمات ، بات الكلام بحق الوضع مهينًا ...
كنت لأغني بدلًا من أن أتكلم ، لولا ذكرى صوتك التي أنهت على ألحاني !


تهطل الحبات بسرعة و على التوالي دون أية فواصل !
كأنها غاضبة و ما ان تلسعك برودتها حتى تدرك أنها ليست عادية و كأي حبة مطر ، حبة تسقط معها ذكرى على رأسك كمطرقة تهدم كل هدوئك الذي جمعته بجهد ، برودتها لاسعة ذلك لأنها تحكي قصة ، قصة حقيقية خارجة من ذكرى !

كل الأشياء تقلصت و تبدلت و تمادت و جربت كل الأدوار إلاك و ذكراك الخالدة .. 
 
تهطل كغرق مع المطر ، تتجلى بوضوح على سطح بحر ، و تختبئ بين منازل القمر ، و ما إن تبدأ الشمس بالظهور حتى تُسقِط عليها شعاعك ، و عندما تلمع النجمة فهذا يعني نهايتك معها و مغادرتك لها ، معطيًا إياها اللمعة الأخير و الأجمل من بين كل اللمعات التي وهبتها سابقًا !

لا تتغير ، لا تُبدل دورك المضيء مهما زادت العتمة ، كل ما تفعله عندما يتم وضع خطة للإنهاء على ذكرياتك أنك تجدد شارة استيطانك دون أن تقلص مساحة الغياب التي تفصلنا ، و دون أن تمحي بعضًا من مسافة البعد الذي تحول بين اللقاء ؛ فقط تتجدد عبر لمعة نجمة أو ظهور قمر ، أو استقرار سطح بحر ، أو هطل مطر أو شروق شمس !
ألم أقل لا تتبدل ، أنت فقط تتجدد وجود ، و تصرُّ على جعله حتمي !

فما كنتَ يومًا منسيًا !
فإما مضيئًا ابد الآبدين و إما مضيئًا أبد الدهر !!
لستَ كمن أصبح عمود ظلام بعد أن كان منيرًا ، و لا كرماد خلفته شعلة ؛ دومًا منيرًا ، دومًا ستبقى مشعلًا لا يخفت ضوؤه !

و تهطل ذكراك بشكل مفاجئ _ كعادتك _ على زي عسكري يمر به أحدهم عائدًا من ساعات دوامه منهك ... !
أتذكرك ..
بهذا الجو الماطر ، أنت ..
تناجيني و تخبرني أنك متعب و بعينين زادهما الإرهاق نعاسًا ، تقول : " المطر يواسي تعبي ! " ملحقًا العبارة بصورة ، صورة للشارع الذي تعمل فيه ، مغسول بالمطر ، تقبل رصيفه أشعة شمس خجولة ..
أحفظ الصورة بقلبي ، أنظر لها كل يوم ، و أنا أشعر بالتشابه الكبير بينها و بينك !
تقول بشكل مفاجئ أيضًا : " غنِّي لي ، أي شيء للمطر ! "
المطر ...

أم أغنيك يا هطل قلبي ؟!

تردف عندما أتأخر بالرد " لأجل المطر " !
و أجد قلبي يرد : " تعني لأجلك .. "
و أغنِّي بصوت ذكراك ، بلون عينيك ، بملامحك التي لا تذوب مع البعد ، بابتسامتك الدافئة ، بقامتك التي تشبه قامة شلال ، صاخب لكنه ساكن في مكانه ، بأحاديثك التي لا تُمَلّ ، بكلماتك التي تلقحها بحب هادئ لا يعرف الصخب ، و أطلق اللحن الأخير بتهدج !
لا تسألني ، أنت معتاد على الرجفة الأخيرة نهاية كل أغنية أغنيها لك ، أنت تعرف دون الحاجة لسؤالي !
تبتسم ابتسامة هادئة بعينيك كي تصبحان قوسان مطر ، و تغدق علي حبًا !
أمسح دموعًا وهمية و أبتسم بخفة ، لا بأس مجرد ذكرى أغنية ، فأنت ما عدت بقربي كما لا زلت بقلبي !


تقبل جبيني بشكر ، و أذوب بالصمت الخجول ، فلا تلبث أن تهديني جرعة حياة بصوتك ..
تُسقِي نبتة قلبي الذابلة فتحييك زهرة لا تموت !
هادئ ، به بحة دافئة ، تعلوه نبرة التعب بعد ساعات الدوام الليلية ، تخبرني بأنك لا تعرف ماذا تقول ! ، و أنك بخير بعد أغنيتي ، و تضحك بخفة قبل أن تقول : " أريد أن أغني لك و لكن في هذا الوقت سيكون الأمر كارثي ! "
و لا أرد بغير ضحكة معترفة بكارثية الأمر ، فيكفي التيه الذي أصابني المرة الأولى و الأخيرة التي تغن لي بها ، و بعدها نسيت الحروف التي أقول بها : " غن لي "
لأنني علمت أنها تعني : " بعثرني "
...
تصمت لحظة ، ثم تقبِّل عينان قلبي ، و بكلمات توصية حريصة ، تخبرني أن كل شيء بخير ما دمتُ كذلك ، و تقول مازحًا : " سأنام بعد أن أسمع الأغنية خمس مرات على الأقل كتهويدة " !

تهويدة !
أنا لا أحتاج التهويدات !
و لا حتى أحتاج النوم !
سأجتهد في حفظ صوتك بقلبي ، و ستغفو حواسي قريرة ، و ستبقى أنت عالقًا في ما بين الصحوة و النوم !
فلا أنت الذي تنام بداخلي ، و لا أنت الذي صحوت !

تعيش بداخلي على هيئة غيبوبة !
تكاد تسمعني ، تكاد تعرفني ، و بالكاد أستطيع رؤية أبعادك و سماع بحَّتك ..
قريبٌ بعيد
مواطن شريد !
تعيش كل التناقضات بداخلي ، تعيث بي فسادًا ؛ و لكنك لا تغادر و لا تتغير أبدًا ..  خـالد ٌ للأبد !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv