6‏/3‏/2020

# دوامة الآس # ركنٌ مضيء

طوق نجـاة

إن كنت سأبرر لنفسي فسأجد كمًا ليس قليلًا من التبريرات ، ربما لن تكون كافية و لكنها معقولة جدًا ، لقد بذلت الكثير من المحاولات للتقرب من أي روح أتمسك بها كطوق نجاة ، كنت أعرف بأنني إن لم أجد ذلك الطوق قريبًا مني فإنني سأعود مجددًا إلى مستنقع خطاياي بكل ضعف ، ذلك لأن روحي و إن رغبت بالنور إلا انها ليست واثقة أنها تستطيع الوصول إليه ، فكنت أبحث عن ذلك القبس بكل جد و كتبت رسائل استنجاد مشفرة و غير مشفرة ، لكل تلك الأرواح التي تراءت لي بأنها تستطيع أن تكون طوق نجاتي ، و كانت إستنجاداتي كثيرة للحد الذي بدأت بنسيان بعضها أو ربما تناسيها ، و لكن مستقبليها عادوا يتساءلون عنها و لا يزالون يتذكرونها ربما على انها رسائل عبثية أكثر من كونها جادة !
 

لقد حاولت كثيرًا و لم ينتبه منهم أحد لحروفي المسكينة التي تتوسل قربهم ، و فجأة و قبل أن أسقط في الظلام مجددًا بعد أن أخفقت بمحاولاتي ، كُنتَ الأمل الأخير و القبس الضئيل الذي بقي أمامي ، إضافة إلى أنك كنتَ ائمًا ذلك اللغز المشوق الذي أتلهف لمعرفة إجابته ، فوجدت نفسي أتشبث بطيفك و وجدتني أصرّعلى قربك بالرغم من كل شيء ، لم أكن لأسمح لك بالإبتعاد أبدًا حتى من دون وعود ، كان شيئًا ما بداخلي يصر على أنك النجاح بعد كل تلك المحاولات الفاشلة ، و كنت أعرف بأن قربنا مصطلح لا يعترف به و لا يغتفر ، لذا كنتَ ركنًا مضيئًا في زوايا روحي المختومة بالوحدة و الفراغ و لم يرك أحد !
 

 خفيًا تجول و تصول في أرجاء روحي التي هامت بقربنا الجميل ، و لم يعد يهمها بعد قربك إي قرب آخر ، أسكتت صوت العقل عندما قال محذرًا بأن هذا لا ىنفع و أن سماحي للقرب هذا سيجعلني أفقد السيطرة و عندها سأعود إلى الظلام مرة أخرى ، و لم آبه إلا بدفء أحاديثنا البسيطة و غضضنا الطرف عن التفكير بالمستقبل ، لم نتواعد يومًا كما فعل الآخرون ، لم نبن لنا بيت أحلام و لم نؤذي أحاديثنا بثقل المشاعر التي نحملها ، أحببنا تلك البساطة ، تفاضحنا كما أعتقد ، و كنتَ النور و كنتُ الظلام ، و لكننا كنا كتابًا مفتوحًا لبعضنا ، و لم نخجل مرة من الإعتراف بأقتم ما فعلناه في الماضي ، لم نسأل بعضنا أسئلة و راوغنا في الإجابة عنها ، و حتى أنا بظلامي اعترفت بالكثير ما لم أعترف به لأحد ، و حتى أنت بنورك الأوهج اعترفتَ بالكثير مما أسعد لهفتي المتشوقة للإجابة على لغز روحك ، و لن أجزم بأنني تحدثت عن كل ظلام نهشني و لن أجزم بأنني أعرف كل مسالك ظلامك ، و لكننا كنا مكتفيين بما عرفنا و لم نكن لنتردد لو طلب أحدنا من الآخر تعرية روحه كلها دون استثناء !
 

و لقد جعلنا الأرواح تتقابل و لم نعد نهتم بأي ظلام و لا ماضِ ، لم نكن لنتصنع أي شيء و لم نكن لنكذب بأي شيء ، تحدثنا بالواقع و لم ننسج أحلامًا و لم نحكي حاضرًا مشرقًا غير حاضرنا الذي لم يكن مشرقًا بالمرة ، و من أكبر الأشياء إلى أتفهها تكاشفنا ، كنا ذات واحدة ، عندما نقترب و عندما نبتعد بسبب استراتيجية الحياة ، فعندما نقترب نتحدث دون نظام و لا قواعد بلهفة كبيرة و دفئنا يلفنا فننسى كل شيء ، و عندما تبعدنا الإستراتيجيات الرتيبة تتلبس أرواحنا روح الآخر كنوع من الوفاء ، و كان الجميع يتجاهل أرواحنا المتلبسة بعضها البعض ـ ربما يتجاهلونها لأنهم ما توقعوا أن تتقاطع دروبنا المتناقضة ببعضها ، و لقد اعترفت إحدى الصغيرات بوجه مندهش عندما ألقيت تعليقًا كنت تردده دائمًا قالت : " يا إلهي أنت تشبهينه جدًا !" و سألت ببراءة مزيفة و بداخلي أكتم ضحكة سعادة و حب " من هو ؟ " فأكدت على هويتك و ملامحها لا زالت تعتليها الدهشة الكبيرة  ، وقتها لم أستطع كتم ضحكة النشوة بداخلي فضحكت كثيرًا و أنكرت بلهفة لتأكيدها : " أووه صغيرتي لا بد و أنك مخطئة ! " و لكنها هزت رأسها نافية و قالت بثقة قبل أن تهز كتفيها متعجبة : " بلى بلى إنك تتحدثين مثله و تضحكين مثله ، حتى أن ملامحك تشبهه ! "
 

و لن أخفيك كم أحببت تلك الصغيرة من بعد هذا الموقف ، و كم فضلتها على الكثيرات من أقرانها ، كنتُ أعرف بأن تعليقي فقط هو ما جعلها ترى بيننا شبهًا ، فلم أكن أضحك ضحكتك الهادئة المبحوحة و لم تكن ملامحي البارزة تشبه ملامحك الناعسة الهادئة ، فقد كنا النقيض لبعضنا و لكننا تكاشفنا و وجد كل منا نقصه عند الآخر فاكتملنا و لم نكتمل !
 


و كنتَ ركني المضيء و لكنني لم أعرف من كنتُ لك غير ليمونة !
كما كنت تلقبني دائمًا !
ليمونة فاضحة نفسها لمتذوقها و هو أنت ! ، و لم نكن بحاجة للتكاشف بشأن مشاعرنا المتأججة بداخلنا ، فقد كان كل حرف لنا يشي بها و كل نظرة لبعضنا تحكيها و كل صوت صادر منا يتغلف بها فتضيف له نغمة دافئة تجعل قلبينا يرفرفان بداخل صدورنا ، و تجعل أحاديثنا تهبط عند أشيائنا البسيطة و الجميلة التي نتشاركها ، فلم نكن لنثقل أحاديثنا بتعبيراتها لم نكن نحتاج التعابير ، لقد فقناها مراحل !

كنــا

و متى نكون مجددًا ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Follow Us @techandinv