آس
لم تعد هناك أمنيات بعد عهد الياسمين , حتى ظهر مولود الأقحوان , آس يحمل في رائحته العبقة أكوام من ذكريات الياسمين الجريئة , و من زهرته تطاولت خيوط بيضاء رفيعة تشير لكل ذكرى ببراءة مزيفة , فكان منظر زهرتها و رائحتها يعيدان سرد حكايا الياسمين و الأقحوان بعبث داخل ذاتٍ ضاعت بين ثلاثة الزهرات , و لا زالت تتأمل الوجود داخل زهرة لم تكن بعد ضمن القائمة !
أمنية العيش داخل خزامى !
كانت تلك أمنية الآس المعلق بين سفلية الماضي و علية المستقبل , أمنية واحدة هي الشيء الذي يصبر هذه الذات على العيش داخل آس ينهش ذاكرتها برائحته و زهرته , أمنية حددت قرار الصباح المتردد , لقد اختارت الصعود نحو سلام و تصالح مع الذات التي ضاعت منذ ثلاثة عهود !أمنية الآس لم تكن بتلك السهولة , كان هناك الكثير من الاشياء التي يجب إعادة تعبئتها كي تصبح ملائمة للعيش داخل البنفسجية , و كانت هناك أكثر من رائحة يجب التخلص منها تمامًا كما ينص قانون الخزامى , لأنه ما كان يومًا كما الياسمين جريئًا في الإمتزاج , و لا كالأقحوان عصيًا على الفهم , و لا كالآس غير قادر على التخلص من تخمة الذكريات ! , كان الخزامى دومًا لون النبلاء و رائحة الذوات التي خاضت معارك طاحنة مع الذكريات ...
كان الآس كسائر الزهور التي تتلبسها الذوات , يعرف كيف يبقي الذات بداخله لوقت أطول دون أن تفكر بجدية في لفظ نفسها على أحضان اللاوجود , لذلك تبنى أمنية العيش داخل خزامى بنفسجية , أمنية تبقي الذات محبوسة في دوامة الآس الذكرياتية ثم ما إن تستقر تقوم باستئناف تجهيز نفسها لتكون ملائمة و متناغمة مع عيش الخزامى ! , و بالطبع لن يكلفها ذلك وقتًا قصيرًا , خاصة و أن الخزامى ليس شيئًا يسهل الوصول إليه , و العيش بداخله سيتطلب ذاتًا تصالحت مع كل الماضي , و تشربت دروسه دون ان يعيش قلبها بأمراضه , و لا ان تمتلئ رئتها الذكرياتية بروائحه التي قد تعفنت بفعل قانون الخزامى !
لست أكرهه ..
الآس لقد منحني أمنية أخيرًا بعد أن فقدت قائمة الأمنيات في هيبة الأقحوان , عندما دفعتني صفراويته إلى حرقها خشية تحويلها إلى كابوس بشع عصي على النسيان , الآس أعطاني تذكرة دخول إلى سينما الماضي كمشاهد يرى الحدث بوضوح أكبر من وضوحه لدى الممثل على المسرح , من زاوية أكبر و بشهادة أكثر عدلًا , الآس هو المأوى الذي أنقذ قلبي من التفكير بالتخلي عن الوجود , الآس يملك سحر الدهشة الأولى عند رؤيته , لذلك كان صعبًا علي التأقلم معه في البداية , و لكنني ها أنا أعيش بداخله , و بتضحية مدهشة يسمح لذاتي بالتجهيز للعيش في حضن خزامى و الإبتعاد عن زهرته غريبة الأطوار ! , إن الآس هو من يُحدَّد بداخله قرارك الأخير بالعيش في دفء زهرة ذاتٍ أخرى أو لفظك في اللاوجود , إنه الحل الأخير , لذلك دوامة الذكريات بداخله لا بد منها كي تمتلك مناعة من الضياع بداخلها بعد فترة من الوقت , لتتفاضح بعدها مع إرادتك أهي الوجود أم اللاوجود !
و بعد اتخاذ قرارك و التجهيز الكامل له , هناك تعرف أإرادتك صالحة فقررت البدء من جديد أم أن السوء قد نهش إيمانها و صلب تفاؤلها على حائط اليأس و القنوط ؟!
لذلك تأكد جيدًا من قرارك , شاور قلبك حواسك و إيمانك , أطل من فترة التفاضح مع إرادتك , جردها تمامًا من كل ما تلبسته من أقنعة مزيفة و أفكار متلاعبة , كن أنت على فطرتك , و ستجد أن فطرة الإنسان النقية ستدعو إرادتك للوجود و لو في حضن زهرة غاصت في بحر هائج !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق